توازن الإسلام في: الحرية
لقد أقام الإسلام للإنسان نظاما بشريا، لا تدمر فيه طاقة واحدة من طاقات البشر، إنما قصارى هذا النظام؛ أن يحقق التوازن بين هذه الطاقات، لتعمل جميعها في غير طغيان ولا ضعف، ولا اعتداء من إحداها على الأخرى، فكل اعتداء يقابله تعطيل، وكل طغيان يقابله تدمير*..
وكما قيل: " لو أعطي كل إنسان ما تمنى لأكل بعضنا بعضا"
يظن بعض الناس أن الإسلام تقييد للحريات، وكبت لطاقات، فينفر من الإسلام ويعتقده دينا رجعيا يأخذ بيد أهله إلى الوراء ويحول بينهم وبين التقدم والرقي! فلابد أن نكشف عن تلك الحقيقة لسوء تصوراتهم أو قصور علمهم..
الإسلام ليس تقييدا للحريات، ولكنه تنظيم لها، وتوجيه سليم حتى لا تصطدم حرية شخص بحرية آخرين، عندما يُعطى الحرية المطلقة، لأنه ما من شخص يريد الحرية المطلقة إلا كانت حريته هذه على حساب الآخرين، فيقع التصادم بين الحريات، وتنتشر الفوضى، ويحل الفساد...
وهناك فرق بين التقيد الذي ظنه البعض، وبين التوجيه والتنظيم الذي شرعه لعباده الحكيم الخبير.. وعلى هذا فلا داعي لهذه المشكلة من أصلها، إذ أن التنظيم أمر واقعي في هذا الكون.
فهو خاضع لنظامه الاجتماعي، مستمسك بعادات بلده في مسكنه وذهابه ومجيئه، فيخضع مثلا لشكل اللباس ونوعه، ولشكل البيت ونوعه، ولنظام السير والمرور، وإن لم يخضع لهذا عاد شاذا يستحق ما يستحقه أهل الشذوذ والبعد عن المألوف.
إذن.. الحياة كلها خضوع لحدود معينه كي تسير الأمور إلى الغرض المقصود.. وإذا كان الخضوع للنظم الاجتماعية مثلا خضوع لا بد منه لإصلاح المجتمع، ومنه الفوضوية، ولا يتبرم منه أي مواطن! فكذلك الخضوع للنظم الشرعية أمر لابد منه لصلاح الأمة، فكيف يتبرم منه البعض ويرى أنه تقيد للحريات !؟