اتقوا النار
خلق الله تعالى النار وجعلها مثوى للكافرين وعاقبة للمجرمين والمتكبرين فهو الحكم العدل شديد العقاب وأحكم الحاكمين وحذر منها النبي e وأنذر وأخبر أنها مثوى الظالمين.
قال تعالى { يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة } التحريم: 6. وقال e (( ما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه ليس بينه وبينه ترجمان فينظر أيمن منه فلا يرى إلا ما قدم وينظر أشأم منه فلا يرى إلا ما قدم ، وينظر بين يديه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة )) البخاري13/ 397، مسلم: 67، 68. وقال e (( الجنة أقرب إلى أحدكم من شرك نعله والنار مثل ذلك )) البخاري11/ 275.
فالإصرار على بعض المعاصي والكبائر يوجب دخول النار، لكن الخلود فيها للمشركين والكفار، قال تعالى { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } النساء: 14.
أما قول الله تعالى { وإن منكم إلا واردها } مريم: 71. فالورود هنا بمعنى المرور على الصراط المبني فوق جهنم، ثم قال تعالى { ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا } مريم: 72.
وهنا أقدم لك عرضا سريعا عن وصف النار وعذابها لتحذرها وتبتعد عن كل السبل الموصلة إليها..
1- الخلود الدائم؛ قال تعالى { ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين } النساء: 14. وقال e (( ثم يقال ... ويا أهل النار خلود فلا موت فيها )) البخاري:4730، ومسلم:2849
2- أبوابها؛ قال تعالى { لها سبعة أبواب لكل باب منهم جزء مقسوم } الحجر: 44. أي: فريق معيّن متميز عن غيره.
3- سعتها وعظمتها؛ قال e (( يؤتى بجهنم يومئذ لها سبعون ألف زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها )) رواه مسلم: 2842.
4- حرها؛ قال e (( ناركم التي توقدون جزء من سبعين جزءا من نار جهنم )) البخاري:3265 ومسلم:2843.
5- قعرها؛ قال e (( إن الصخرة العظيمة لتلقى من شفير جهنم فتهوي بها سبعين عاما ما تفضي إلى قرارها )) صحيح الجامع2/ 1662.
6- دركاتها؛ فللجنة درجات وللنار دركات، قال تعالى { إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار } النساء: 145.
7- أوديتها؛ قال تعالى { فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون . الذين هم يراءون ويمنعون الماعون } الماعون: 4- 7. والويل: وادي في جهنم.
8- سجونها؛ قال e (( يحشر المتكبرن يوم القيامة أمثال الذر في صور الرجال يغشاهم الذل من كل مكان يساقون إلى سجن في جهنم يسمى بولس ، تعلوهم نار الأنيار، يسقون من عصارة أهل النار طينة الخبال )) صحيح الجامع2/ 8040.
9- عذابها؛ قال تعالى { يصب من فوق رؤوسهم الحميم يصهر به مافي بطونهم والجلود ولهم مقامع من حديد } الحج: 19. مقامع: أي مطارق أو سياط، وقال تعالى { كلا إنها لظى . نزاعة للشوى } المعارج: 15. وقال تعالى { لهم من فوقهم ظلل من النار ومن تحتهم ظلل } الزمر: 16. وقال e (( يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال: يا ابن آدم هل رأيت خيرا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟ فيقول: لا والله يا رب )) رواه مسلم: 2807.
10- سلاسلها وأغلالها؛ قال تعالى { إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون } غافر: 71.
11- أجسادهم؛ قال e (( إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا وإن ضرسه مثل أحد وإن مجلسه من جهنم كما بين مكة والمدينة )) صحيح الجامع:2114.
12- وجوههم؛ قال تعالى { ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة } الزمر: 60. وقال تعالى { وتغشى وجوههم النار } إبراهيم: 50. وقال تعالى { إن المجرمين في ضلال وسعر يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر } القمر: 47.
13- لباسهم؛ قال تعالى { فالذين كفروا قطعت لهم ثياب من نار } الحج: 19. أي: فصلت.
14- طعامهم؛ قال تعالى { إن شجرة الزقوم طعام الأثيم . كالمهل يغلي في البطون كغلي الحميم } الدخان: 43. وقال تعالى عن شجرة الزقوم { فإنهم لآكلون منها فمالؤون منها البطون ثم إن لهم عليها لشوبا من حميم } الصافات: 66. وقال e عن شجرة الزقوم (( لو أن قطرة من الزقوم قطرت في دار الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم فكيف بمن تكون طعامه )) صحيح الجامع2/ 5250. وقال تعالى { ليس لهم طعام إلا من ضريع . لا يسمن ولا يغني من جوع } الغاشية: 6. والضريع: نوع من الشوك ، وقال تعالى { ولا طعام إلا من غسلين } الحاقة: 36. الغسلين : صديد أهل النار أو شجر فيها.
15- شرابهم: قال تعالى { من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد. يتجرعه ولا يكاد يسيغه ويأتيه الموت من كل مكان وما هو بميت ومن ورائه عذاب غليظ } إبراهيم: 16. الصديد: ما يسيل من أجساد أهل النار، ويتجرعه: أي يتكلف بلعه لمراررته، ويسيغه: أي يبتلعه لشدة كراهته. وقال تعالى { وإن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا } الكهف: 29.
والعذاب في النار يتفاوت على حسب أعمالهم..
- أشد الناس عذابا؛ قال e (( إن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون )) البخاري10/ 321، مسلم: 2109. وقال e (( أشد الناس عذابا للناس في الدنيا، أشد الناس عذابا عند الله يوم القيامة)) صحيح الجامع:1/998
- يليهم العذاب كل على حسب عمله قال e (( منهم من تأخذه النار إلى كعبيه ومنهم من تأخذه إلى ركبتيه ومنهم من تأخذه إلى حجزته ومنهم من تأخذه إلى ترقوته )) مسلم: 2845.
- أدناهم عذابا؛ قال e (( إن أهون أهل النار عذابا يوم القيامة لرجل يوضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه )) البخاري11/ 373، مسلم: 213.
فالنار فيها كل أصناف العذاب ما يعلمه الإنسان وما لا يعلمه قال تعالى { وأتاهم العذاب من حيث لا يشعرون } الزمر: 29. وقال تعالى { وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون } الزمر: 47.
فسبيل النجاة منها هو ترك المعاصي والبعد عن طرق الشهوات والشبهات واجتناب النواهي والإقبال على الطاعات.
**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق