السبت، أبريل 16، 2011

توازن الإسلام في الغناء واللهو


توازن الإسلام في :الغناء واللهو


الإنسان بطبيعته مجبول على حب الأصوات العذبة، والألحان الندية، والكلمات الموزونة، فيصغى لها بآذن واعية، وروح مبتهجة، وتتحرك أحاسيسه ومشاعره لتلك الأصوات والكلمات. فيتأثر بها وتقع في قلبه إيقاعا سلبيا أو إيجابيا يظهر على أقواله وأفعاله.
قال : (زينوا القرآن بأصواتكم، فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا) صحيح الجامع:1/3581. وذلك لأن الإنسان يميل لصوت الحسن، ويتلذذ به، بل ويستفيد منه أكثر.
**************
والغناء اسم يطلق على أشياء كثيرة. منها: غناء الحجيج في الطرقات، بأشعار يصفون فيها الكعبة وزمزم والمقام وقد يكون معها طبل، وغناء الغزاة: فإنهم ينشدون أشعارا يحرضون بها على الجهاد.. كذلك يطلق على الغناء أشعار تنشدها النواح يثيرون بها الأحزان والبكاء، أو الأشعار التي يتغنى بها المتيمون ويصفون فيها المستحسنات والخمر والنساء^.. أو الأشعار التي تحث على مكارم الأخلاق والمدح والثناء.. 
ولما كان الإسلام هو أفضل الأديان وأقومها كان من مقاصد شريعته: -حفظ الدين والعقل.. وتسخيرهما فيما يعود بالنفع والفائدة لدين والنفس والمجتمع. فالعقل إذا استخدم في اللهو والطرب فقط فإن قيمته تكون بمثابة عقل السكران الذي لا يفقه ما يدور حوله لغلبه الهوى والنشوى..



وسماع الغناء واللهو يلهي القلب ويشغله عن ذكر الله تعالى والتفكر في عظمته وآلائه .. والقيام بطاعته، ويحرك الطباع ويخرجها عن حد الاعتدال، ويثير العداوة والبغضاء.. والحب الزائف والشهوات..
**********************
إن أدلة تحريم الغناء والموسيقى مستفيضة ومفصلة في كتب العلماء.. نذكر منها:
*من القرآن: قال تعالى:[ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُهِينٌ (6)] لقمان. -قال ابن عباس رضي الله عنهما: هو الغناء، وقال مجاهد: اللهو: الطبل (تفسير الطبري) وقال الحسن البصري: نزلت هذه الآية في الغناء والمزامير (تفسير ابن كثير).
- قال ابن القيم: ويكفي تفسير الصحابة والتابعين للهو الحديث بأنه الغناء، فقد صح عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن مسعود عن قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) فقال: والله الذي لا إله غيره هو الغناء –يرددها ثلاث مرات- وصح عن ابن عمر أيضاً أنه الغناء (كتاب: إغاثة اللهفان لابن القيم) فهذا ابن مسعود رضي الله عنه يقسم ثلاث مرات أن لهو الحديث هو الغناء، وقد قال عنه: (إقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر، واهتدوا بهدي عمار، وما حدثكم ابن مسعود فاقبلوه) صحيح الجامع-1143-وفي رواية –(وتمسكوا بعهد ابن مسعود) برقم:1144.
*من السنة: قال : (ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف...) السلسلة الصحيحة-91- ومعنى استحلال الشيء: أي جعله حلالاً وهو في الأصل محرم.
وقال : (إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين: صوت عند نغمة مزمار شيطان ولعب، وصوت عند مصيبة...) صحيح الجامع-5194
وقال : (ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ، وذلك إذا شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف) السلسلة الصحيحة-2203
وقال : (إن الله حرم على أمتي الخمر والميسر والمزر والكوبة والقنين...) صحيح الجامع-1708-
*********************
فالغناء المحرم هو ما ستخدم فيه كلمات فاحشة، أو ألفاظ بذيئة -تخل بالقيم والأخلاق- أو نغمات موسيقية .. أو أي نوع من أنواع المعازف وما يدخل في حكمها. ولا يحرم الإسلام إلا الضار!
أما الغناء الهادف، ذا الأشعار الهادفة والمفيدة، والكلمات الموحية النافعة، مع الترانيم العذبة، والأصوات الشجية.. بدون استخدام آلات محرمه سوى "الدف" فالإسلام يبيحه لما فيه من راحة للقلب، وفرح وبهجة، ونفع وفائدة.
كذلك فإن بعض الأشعار بها كلمات تذكر بالله تعالى، وتحث على عمل الخير وتنشر الحب والإخاء والفرح بين المسلمين، قال : (إن من الشعر حكمة)خ/2 [ 5793 ].
وقد كان للنبي –حاد- أي "الذين يتغنون للإبل يستحثونها على السير" يقال له أنجشة وكان حسن الصوت، يحدو فتعنق، أي: تسير سيرا سريعا) م 2323،خ/ 2[ 5857 ]. 
وعن سلمه بن الأكوع، قال: خرجنا مع رسول الله إلى خيبر فسرنا ليلا، فقال رجل من القوم لعامر بن الأكوع: ألا تسمعنا من هنياتك؟ وكان عامر رجلا شاعرا فنز يحدو بالقول يقول:
اللهم لولا أنت ما اهتدينا *** ولا تصدقنا ولا صلينا
فألقين سكـــينة علينـــا *** وثبت الأقــدام إذا لا قينا
قال : (من هذا السائق؟ قالوا: عامر بن الأكوع، فقال: (يرحمه الله ) خ/6148- م/1802
* كذلك من إنشاد العرب قول أهل المدينة عند قدوم رسول الله  عليهم:
طلع البدر علينا  *** من ثنيات الوداع
وجب الشكر علينا *** ما دعا لله داع
ومن هذا الجنس كانوا ينشدون أشعارهم، وربما ضربوا عليه بالدف عند إنشاده.
*********************
هذا هو توازن لإسلام .. يقر بالتمتع بالأصوات الحسنة والكلمات الهادفة، بحد الاعتدال، ووفق شرع الله تعالى. ويحافظ على العقل والدين والقيم والأخلاق.. ويعطي لنفس حق التمتع والتلذذ بالحلال .. دون أن يجرح المشاعر، أو يهدم الأخلاق والقيم، ويطرب العقل، ويلهي عن ذكر الله تعالى وطاعته.
_____________________________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق