الأحد، نوفمبر 18، 2012

ما أسهل عبادة الله تعالى بتمهل ورفق


ما أسهل عبادة الله تعالى بتمهل ورفق!

لقد خلق الله تعالى الإنسان لمهمة وهدف محدد، لا تستقيم حياه الإنسان؛ إلا إذا حقق هذا الهدف وتلك الغاية، قال تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)] الذاريات.
وعندما يتخلى الإنسان أو يجهل أو يتناسى مهمته في الحياة؛ فسيتخبط في ظلمات لا نهاية لها. ومهما بلغ في السعي وراء طموحات وغايات الدنيا.. فلن يدرك حقيقته وقيمته إلا في عبادة الله تعالى.
فنحن نعلم أن النحلة -مثلا- مهمتها التنقل بين الأزهار، واستنشاق رحيقها ثم صنع العسل فما ذا لو رأينها تطير بعيدا في الفضاء وتتردد بين الكواكب والأقمار ثم.. تخرج لنا الهواء !!
لا توجد أي قيمة لتلك النحلة الضائعة في الكون حتى ترجع لمهمتها التي خلقت من أجلها. فكيف بالإنسان المكرم صاحب العقل ؟!
**
الإسلام دين يسر ورحمة.. واضع أحكامه رب البشر، القائل سبحانه: [أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ (14)] الملك. فالله تعالى لم يشرع الدين لتشديد والعقوبة! بل للرحمة وإنقاذ البشرية من ظلمات الجهل والضلال.. إلى نور وعدالة الإسلام، قال تعالى: [كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (1)] إبراهيم. قال ربعي بن عامر–رضي الله عنه-: (نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة"
**

والبعض يتساءل كيف نعبد الله تعالى ومن أين نبدأ!؟ والبعض الآخر يستثقل العبادات! أو يستصعب ترك المعاصي!!
وسنبين أولا نقطة البداية لسير في طريق الله تعالى، ثم في نقاط مجملة ومختصرة، نسرد أهم الطرق الموصلة إلى الإسلام الصحيح.

فالبداية: بالتوبة والمحافظة على أركان الإسلام الخمس. ثم محاولة تقوية الإيمان بترسيخ العقيدة ومعرفة الله تعالى والتفكر في عظمته ونعمه ورحمته وعقابه وجنته وناره.. فإن إيمان العبد إذا زاد استطاع ترك المعاصي أياً كانت، حتى التي كان يشعر بأنه لا يستطيع أن يفارقها. وكلما ازداد المسلم معرفةً بربه كان له أحب وأعبد وأشد خوفًا منه وأشد رغبةً في لقائه وحينها يترك العبد جميع ما يحب ليرضى الله تعالى، قال تعالى: [وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ .. (165)] سورة البقرة.
قال تعالى: [فَاعْلَمْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ] محمد:19. فقدَّم العلم بالله تعالى على عبادته، وقال النبي r لمعاذ t عندما بعثه لليمن: «فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ، فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ، فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللهَ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ» [متفق عليه]. فأمر الرسول r معاذً t أن يُعرِّف الناس بالله تعالى أولا، فإذا عرفوه انتقل بهم إلى كيفية عبادته بالصلاة والصيام.. إلخ.

وقد يخطأ كثير من التائبين بأخذ الدين كله جمله واحدة، في لحظة خوف أورقة قلب أو همة! ثم يتركه كله! أو يقفز قفزات عالية بعيدة تركا الخطوات الأولى الأساسية والقواعد الأولية، أو يسرع الخطى وينتقل سريعا للأعلى قبل أن يبني ويثبت الأساس! ومعظم تلك الحالات ترجع التائب للوراء ما أن تذهب تلك الهمة وذلك الخوف، كما أنها تُبغض للإنسان الطاعة ويستثقلها ويشعر بمشقة شديدة لأنه لم يتخذ الخطوات الصحيحة ولم يتدرج لطلوع سلم الإسلام برفق وتمهل وإنما قفز مرة واحدة بمشقة وعناء، فيسقط مرة واحدة بمشقة أكبر ويكره ذلك السُلم وربما لا يجرب الصعود مرة أخرى!

فالحجاب مثلا: إذا كانت فتاه لا ترتدي الحجاب وتخرج إلى الشواطئ بلباس السباحة، هل من الحكمة أن تغطي وجهها جملة واحدة! حتما ستنزعه كله مرة واحدة، وإنما الصحيح أن تتدرج، فمثلا تتعود فتره من الزمن أن لا تظهر ساقيها، ثم يديها، ثم تحاول توسيع الملابس شيئا فشيئا، ثم تلبس البنطال ولا تقل عنه أبدا ثم تلبس الأكمام الطويلة، ثم تغطي رأسها.. وهكذا ولا تنتقل من مرحلة حتى تتعود على التي قبلها بحيث تشعر بالحياء إذا ظهر ذلك المكان الذي تعودت على ستره! وربما تطول المدة ولا بأس مادامت تنوي أن تلبس الحجاب ولكن بخطوات ثابتة حتى لا تتراجع، فبرغم الأهمية البالغة للحجاب في الإسلام، ومع شدة تحذير الرسول r من فتنة النساء أنها أشد الفتن، فقد نزل الحجاب في السنة الخامسة من الهجرة، أي بعد 15 عاما تقريبا من النبوة، وهذا يدل  أن الحجاب فريضة عظيمة، هُيئت النفوس له 15 عاما، وتلك هي القاعدة. أن نقوي أنفسنا أولا بالإيمان ومعرفة الله تعالى وحبة وحب رسوله r، لنستطيع تغيير أنفسنا!

وفيما يلي نقاط مجملة ومختصرة للوصول لدين الله تعالى الصحيح السهل..
-أخذ الدين خطوة خطوةوعدم أخذه جمله- وأن لا ينتقل إلى الخطوة التي تليها حتى يعمل بالأولى لثبات وضمان الاستمرار. فشرائع الإسلام كثيرة ومتعددة، لذلك أمر الإسلام أن يبدأ المسلم بالفرض ثم بالأفضلية من الأعمال، ثم الذي يليه والأولى فالأولى..
قال تعالى: [وَقُرْآَنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)] الإسراء، وقال تعالى: [وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32)] الفرقان
عن بن عباس t أن النبي r بعث معاذtإلى اليمن فقال: ( ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)خ/1 [ 1331 ]، فقوله: "أطاعوا لذلك" تدل على العمل ، وألا ينتقل إلى الركن الذي بعده حتى يعمل بالأول، وفيه أيضا التدرج، فلا يخبرهم بجميع الأركان جملة واحدة، إنما واحد ثم إذا عملوا به انتقل بهم للركن الذي يليه، وعن عائشة أم المؤمنين t قالت: "إنما نزل أول ما نزل منه- أي: القرآن- سورة من المفصل-أي: السور القصار- فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا "2/ خ[ 4707 ]، قال رسول الله r: ( إن الله قال: ما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته ) خ2[ 6137 ] وهذه الطريقة أفضل الطرق للاستمرار والمداومة على طاعة الله عز وجل. فالمشي على خطوة واحدة ثابتة، خير وأقوم وأثبت من المشي على خطوات كثيرة غير ثابتة

- اليسر. قال تعالى: [يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ .. (185)] البقرة. قال r: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)217/1، وعن عائشة t قالت: (ما خير رسول الله r بين أمرين قط إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فان كان إثما كان أبعد الناس منه) خ2[ 5775 ] قال النبي r: (يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا ) خ/1 [ 69 ] قال النبي r: (إن الله تجاوز لي عن أمتي ما وسوست به صدورها ما لم تعمل أو تكلم) خ/1[ 2391 ] قال النبي r: ( إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه فسددوا وقاربوا وأبشروا واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة) خ:/1-39 ومعنى الحديث: الغدوة: أول النهار، والروحة: آخر النهار، والدلجة: آخر الليل. وهذا تمثيل، ومعناه: استعينوا على طاعة الله عز وجل بالأعمال في وقت نشاطكم، وفراغ قلوبكم، بحيث تستلذون العبادة ولا تسأمون، وتبلغون مقصودكم، كما أن المسافر الحاذق يسير في هذه الأوقات ويستريح هو ودابته في غيرها، فيصل المقصود بغير تعب. والله أعلم. فأي طريق فيه تنفير أو عسر فهو مخالف لدين الإسلام!

- نفي المشقة والتشدد والتكلف: قال تعالى: [وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ..(78)] الحج، حرج: أي ضيق. قال r: (هلك المتنطعون) قالها ثلاثا.مسلم:/2670. والمتنطعون: المتعمقون، المتشددون في غير مواضع التشديد. وعن أنس t قال كُنا عند عمر فقال: "نهينا عن التكلف" خ2[ 6863 ]، ورأى النبي r شيخا يهادى بين ابنيه فقال r: "ما بال هذا قالوا نذر أن يمشي قال إن الله عن تعذيب هذا نفسه لغني وأمره أن يركب ) خ/1[ 1766 ] دخل رسول الله r المسجد وحبل ممدود بين ساريتين. فقال: [ " ما هذا ؟ " قالوا: لزينب. تصلي فإذا كسلت أو فترت أمسكت به. فقال " حلوه. ليصل أحدكم نشاطه، فإذا كسل أو فتر قعد ". وفي حديث زهير " فليقعد " ] صحيح مسلم:784
- المحافظة والمداومة على العبادة: قال r: (أحب الأعمال إلى الله ما دام وإن قل) خ2[ 5523 ]

- التخفيف والاقتصاد التوسط- في العبادة: فعقيدة أهل السنة والجماعة في العبادات: "الوسطية في كل اعتقاد وعمل" قال تعالى: [وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)] النساء. قال r (عليكم ما تطيقون من الأعمال فإن الله لا يمل حتى تملوا(خ1/ 1100 ، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص t قال لي رسول الله r: ( يا عبد الله ألم أخبر أنك تصوم النهار وتقوم الليل فقلت: بلى يا رسول الله، قال فلا تفعل صم وأفطر وقم ونم فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لزورك عليك حقا، وإن بحسبك أن تصوم كل شهر ثلاثة أيام فإن لك بكل حسنة عشر أمثالها فإن ذلك صيام الدهر كله.) خ/1[ 1874 ] ، وعن أنس بن مالك t "جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي r يسألون عن عبادة النبي r فلما أخبروا كأنهم تقالوها فقالوا: وأين نحن من النبي r قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا فإني أصلي الليل أبدا، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبدا، فجاء رسول الله r فقال: ( أنتم الذين قلتم كذا وكذا، أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني) خ/2 [4776 وعن أبي وائل قال كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن لوددت أنك ذكرتنا كل يوم قال:" أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم وإني أتخولكم بالموعظة كما كان النبي r يتخولنا بها مخافة السآمة علينا) خ/1[ 70 ] السآمة: الملل. يتخولنا: يتعهدنا. وعن أبي مسعود الأنصاري قال: " قال رجل يا رسول الله، لا أكاد أدرك الصلاة مما يطول بنا فلان فما رأيت النبي r في موعظة أشد غضبا من يومئذ فقال: ( أيها الناس إنكم منفرون فمن صلى بالناس فليخفف فإن فيهم المريض والضعيف وذا الحاجة)خ/1[ 90 ]، وفي رواية: (وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)خ/1 [ 671 ]،  وعن أنس رضي الله عنه قال: " كان النبي r يوجز الصلاة ويكملها" خ/1[ 674 ]، وعن عائشة t قالت: " إن كان رسول الله r ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرض عليهم" خ2[ 1076 ]

- الرفق. قال r: (إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله ) خ:1/375، مسلم: 2165 وقال r: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فأرفق به) رواه مسلم/1828 وكان أصحب ابن مسعودt  إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون لهم: مهلا رحمكم الله مهلا رحمكم الله. وكان الصحابة رضوان الله عليهم يحفظون عشر آيات ويتعلمون أحكامها وفروضها ولا ينتقلون إلى حفظ غيرها حتى يتموا دراستها على الوجه الأكمل

- يسقط التكليف عن العاجز عن أداء بعض شرائع الدين، إذا لم يستطع أدائها بجميع الطرق، قال تعالى: [لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا .. (286)] البقرة.

- البدء بترك المعاصي. قال النبي r: (فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) خ2[ 6858 ] فقد أمر النبي r باجتناب المعاصي أولا، وأمر بتركها بصيغة الاجتناب أي الابتعاد. أما الطاعات فتكون حسب قدرة كل إنسان. وهنا دليل واضح أن ترك المعاصي أمر سهل يستطيعه كل إنسان.
وإن واجه المسلم في طريقه معصية يصعب عليه تركها فليقوى إيمانه بأسهل الطاعات عليه ليزداد الإيمان ويستطيع الرقي وتجاوز عقبة تلك المعصية.

- يبيح الإسلام المحظورات عند الضرورات الملحة. قال تعالى: [إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173)] البقرة.

- يؤجر المسلم على كل عمل خير يعمله صغيرا كان أو كبيرا. قال تعالى: [وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (20)]المزمل. وقال تعالى: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) ] الزلزلة. قال r: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لامرئ ما نوى )خ2 [ 6311 ] وقال r: (يقول الله: إذا أراد عبدي أن يعمل سيئة فلا تكتبوها عليه حتى يعملها فإن عملها فاكتبوها بمثلها وإن تركها من أجلي فاكتبوها له حسنة وإذا أراد أن يعمل حسنة فلم يعملها فاكتبوها له حسنة فإن عملها فاكتبوها له بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف)خ2[ 7062 ] قالr: (إن المسلم يؤجر في كل شيء حتى في اللقمة يرفعها إلى فيه) صحيح الجامع2/ 3986.

- أخذ الدين من جميع جوانبه، وترك الاقتصار على جوانب معينة. فالله تعالى أنزل الدين ليؤخذ كله فلا يترك للهوى .. فيأخذ بعضه ويترك بعضه! قال تعالى: [أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (85)] البقرة.

- تنوع العبادات. فالعبادات في الإسلام كثيرة جدا، من صلاة وصوم وحج وزكاه وصدقة، وبذل المعروف للناس، وبر الوالدين وكفاله الأيتام، والخلق الحسن مع الخلق، وصلة الأرحام والجيران، وإعطاء الهدية، والدعوة إلى الله تعالى، وإدخال السرور على المسلمين، وتعلم العلم.. وقد عرف العلماء العبادة: هي اسم جامع كل ما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة و الباطنة. وهذا التنوع من رحمه وعظمة الإسلام، حتى لا يمل المسلم ويشعر بالفتور والكسل، ليعبد الله تعالى وهو محبا للعمل. وبالنية الصالحة تتحول جميع العادات إلى عبادات.
- يحرم الإسلام كل ضار، قال r: (لا ضرر ولا ضرار) صحيح الجامع2/ 7517. ويبيح كل نافع، بحيث يزيد جانب النفع على جانب الضرر، قال r: (احرص على ما ينفعك) صحيح الجامع2/ 665

-ولا بد للمسلم أن يلتزم الصبر في عبادة الله تعالى. قال تعالى: [رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا (65)] مريم. وأن يحسن العمل، فالله تعالى لا يرضى عن كثرة العمل فحسب إنما يرضى عن العمل الحسن. قال تعالى: [الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ (2)] الملك.

تنبيه/ إن اليسر والرفق لا يعني التفريط والتهاون! فقد قال تعالى: [خُذُوا مَا آَتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (63)]الأعراف. بقوة: أي بجدية ومحافظة واستمرار وتعظيم لشعائر الله وحرماته.

إن التكاليف التي يفرضها الإسلام على المسلم كلها من الفطرة ولتصحيح الفطرة، لا تتجاوز الطاقة، ولا تتجاهل طبيعة الإنسان وتركيبه، ولا تهمل طاقة واحدة من طاقاته إلا وتلبيها في يسر و سماحة.. ومن ثم لا يحار ولا يقلق في مواجهه تكاليفه، يحمل منها ما يطيق حمله، ويمضي في الطريق إلى الله تعالى في طمأنينة وروح وسلام*"نقلا من كتاب: في ظلال القرآن"
ومعرفة المؤمن أن غاية وجود الإنسان هي العبادة، وأنه مخلوق ليعبد الله تعالى، من شأنها- ولا شك- أن ترفع شعوره وضميره، وترفع نشاطه وعمله، فهو يريد العبادة بنشاطه وعمله، وكسبه وإنفاقه، وهو يريد العبادة بالخلافة في الأرض وتحقيق منهج الله تعالى فيها. فأولى به أن لا يستعجل المراحل، وألا يتعسف الطريق، وألا يركب الصعب من الأمور، فهو بالغ هدفه من العبادة بالنية الخالصة والعمل الدائب في حدود طاقته. ومن شأنه كذلك.. ألا يستبيه القلق  في أي مرحله من مراحل الطريق فهو يعبد الله تعالى في كل خطوة، وهو يحقق غاية وجودة في كل خطره، وهو يرتقي صاعدا إلى الله تعالى، في كل نشاط وفي كل مجال*."نقلا من كتاب: في ظلال القرآن"