السبت، أبريل 16، 2011

توازن الإسلام في المعاملات


توازن الإسلام في : المعاملات


عجبت لمن سار نحوى الهوى *** كسير الفراشات نحو البريق
وإســـــلامنا فيه إعزازنـــــــا *** وفيه تنـــــال جميع الحقـــوق
الإسلام دين الأخلاق
قال : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) صحيح الجامع:1:2349 ومن ثم زكى الله تعالى نبيه ، فقال: [وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)] القلم. وقال تعالى: [لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (128)] التوبة.
فالغاية الكبرى من إرسال محمد  بدين الإسلام. هي تزكية وتطهير النفوس باطنا وظاهرا، قال تعالى: [كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آَيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ (151)] البقرة. 
وجميع العبادات ترتبط ارتباطا وثيقا بالأخلاق بل هي المحرضة والمعينة على اكتساب الخلق الحسن، مع الله تعالى والناس جميعا.
قال تعالى عن الصلاة: [اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45)] العنكبوت.
وقال تعالى عن الزكاة: [خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (103)] التوبة.
وقال تعالى عن الصوم: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (183)] البقرة. قال : (إذا كان يوم صوم أحدكم، فلا يرفث ولا يصخب، فإن سابه أحد، أو قاتله، فليقل: إني صائم) متفق عليه:خ/4-88،م/1151. وقال : (من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه) خ:4/99.
وقال تعالى عن الحج: [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ (197)] البقرة.



تلك هي أركان الإسلام. وكذا الحال في جميع العبادات والمعاملات. جميعها مبني على حسن الخلق والأدب الرفيع، والذوق السامي. قال : ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده) خ /1:10 وقال : ( قال لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)خ:13/1
ولقد انتشر الإسلام بين أرجاء العالم بالخلق الحسن، والرحمة والسماحة، وما انتشر بالسيف والغلظة.. يقول "غتافلوين": لم تعرف الأمم فاتحين راحمين متسامحين كالمسلمين، ولم تعرف دينا سمحا كدينهم. وأعظم برهان يصدق –أن الإسلام لم ينشر بالسيف- أن أقوى دول الأرض وأكبرها لا تستطيع أبدا أن تنشر دياناتها بالسيف، مع كل ما تملك من قوة وعتاد وجيوش!
إن الديانات التي يتحاكم إليها البشر، محلها القلب ومن المستحيل أن تتغير القلوب بالسيوف والجيوش! فقد تتغير السلوكيات والمظاهر الخارجية.. أما القلوب فلا سلطة لأحد من البشر على قلوب البشر!! ولا يغير القلوب إلا عقيدة تتمكن فيها فتسيطر على سكناتها وحركاتها وجميع تقلباتها.
**************
إن الإسلام يربط مجتمعة برابطة واحدة هي: رابطة التوحيد والعقيدة- حيث تذوب فيها الأجناس والأوطان، واللغات والألوان، وسائر الأواصر العرضية التي لا علاقة لها بجوهر الإنسان*، قال تعالى: [ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)] الحجرات، قال تعالى: [إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10)]الحجرات. وقال : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) متفق عليه: خ/10-367،م/2586. وقال : (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه)خ:13/1، قال : (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله) م/.2564.
ومن الآداب التي تقوم عليها المعاملات الإسلامية: الاعتراف بالجميل وبذل الهدايا، قال تعالى: [وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86)] النساء، وقال تعالى: [هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ (60)] الرحمن، قال  (تهادوا تحابوا ) صحيح الجامع1/ 3004.  التواضع: قال : (ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله) م/ 2538، العفو وحسن الخلق: قال تعالى: [وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35)] فصلت، الاحترام وحفظ الأعراض والأسرار واللسان: قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11)] الحجرات.قال : (أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع، فقال صلى الله عليه وسلم: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار) م/2581 ، مساعدة المحتاج، قال : ( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله أو القائم الليل الصائم النهار)خ/2 [ 5038 ] قال : ( أطعموا الجائع وعودوا المريض وفكوا العاني)خ/ 2[ 5058] بذل المعروف والنفع للجميع. قال : ( كل معروف صدقة)خ/ 2[ 5675 ]  إكرام الضيف والجار. قال رسول الله : ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت)خ/2  [ 5672 ].
والإسلام يأمر بالصدق والأمانة والعدل والرحمة، وينهى عن الكذب والظلم والخيانة، ويحث على بر الوالدين وصله الأرحام والجيران والأصدقاء، وإغاثة الملهوف، ومساعدة الضعيف، والفقير والمسكين، واحترام الكبير وتوقير العالم ورحمه الصغير، وكفالة الأيتام والأرامل، وإدخال السرور على المسلمين وإطعام الطعام، وإلانة الكلام، وإفشاء السلام، والتيسير على المعسرين، ومعاونة المحتاجين، والتنفيس عن المكروبين، وعيادة المرضى، وتلبية الدعوة، والزيارة الخالصة لوجه الله تعالى، وإتباع الجنائز، والذب عن عرض المسلم وحفظ كرامته، ومراعاة مشاعره وأحاسيسه، وغيرها الكثير..
كذلك من الضمانات التي يضعها الإسلام للمجتمع المسلم: البينة والعدل، قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ (6)] الحجرات، وقال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12)] الحجرات، والصدق في القول والوعد. قال : ( آية المنافق ثلاث إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)خ:33/1 الاستئذان : قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (27)]النور، الشورى والنصح والتعاون.. قال تعالى: [وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159)] آل عمران، قال تعالى: [وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (2)] المائدة، المساواة والعدالة الصارمة التي يشعر معها كل فرد أن حقه منوط بحكم شريعة الله تعالى لا بإرادة الحاكم ولا هوى حاشية، ولا قرابة كبير.. قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)] النحل. قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا (58)] النساء. حقوق الإنسان كاملة: قال : (كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه) م/2564.
ثم إن المعاملات الإسلامية تربي المجتمع على  النظافة والعفاف.. فلا تشيع فيه الفاحشة والإغراء، ولا تروج فيه الفتنه، ولا تتبع فيه العورات، ولا تنتهك فيه الأعراض*، قال تعالى: [قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (33)] الأعراف. وفي مثل هذا المجتمع يأمن الجميع على دينهم وأعراضهم وأموالهم. 
ومن جانب آخر ينظم الإسلام ويوازن المعاملات مع غير المسلمين. فيأمر بمحاورتهم ومجادلتهم بالحسنى إلا الذين ظلموا منهم، قال تعالى: [وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (46)] العنكبوت. والوفاء بالوعد والعدل بينهم ولو كان الظالم مسلما والمظلوم كافرا.. قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90) وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ (91)] النحل، إعطائهم الأمان للمسالمين منهم. قال تعالى: [لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)] الممتحنة، الإحسان في معاملتهم والرفق بهم. قال تعالى: [وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا ..(83)] البقرة. وعن أنس رضي الله تعالى عنه قال: كان غلام يهودي يخدم النبي  فمرض فأتاه النبي  يعوده فقعد عند رأسه فقال له: ( أسلم )، فنظر إلى أبيه وهو عنده فقال له أطع أبا القاسم ، فأسلم فخرج النبي  وهو يقول: ( الحمد لله الذي أنقذه من النار)خ/1[ 1290 ]، وعن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما قالت: قدمت علي أمي وهي مشركة في عهد رسول الله ، فاستفتيت رسول الله  قلت: إن أمي قدمت وهي راغبة أفأ صل أمي قال: ( نعم صلي أمك)خ/2 [ 2477 ] .
ورغم كل تلك المعاملات الحسنة مع غير المسلمين، فإن الإسلام يحرم موالاه ونصر وحب الكفار. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ ..(144)] النساء.
كذلك يأمر الإسلام بالمعاملة الحسنة مع الحيوان. قال : (بينا رجل بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي كان بلغ مني فنزل البئر فملأ خفه ماء فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا: يا رسول الله، وإن لنا في البهائم لأجرا؟ فقال: في كل ذات كبد رطبة أجر) خ/1[ 2334 ]، قال النبي : (ما من مسلم غرس غرسا فأكل منه إنسان أو دابة إلا كان له صدقة)خ/2[ 5666 ]   قال : (إن الله محسن يحب الإحسان فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح وليحد أحدكم شفرته ثم ليرح ذبيحته) صحيح الجامع1/ 1824. قال : (اتقوا الله في هذه البهائم المعجمة، فاركبوها صالحة، وكلوها صالحة ) صحيح أبو داود للألباني2/ 2221. قال: (دخلت امرأة النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت) صحيح الجامع1/ 3374. و(لعن رسول الله  من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا)خ:9/554،م:1958. الغرض: الهدف، والشيء الذي يرمى إليه. ومرَّ  على حمار قد وسم وجهه فقال: (لعن الله الذي وسمه) م:2117 وقد (نهى رسول الله  أن تصبر البهائم) خ:9/533،م:1956 تُصبَر: تحبس للقتل.

هذه أهم معاملات الإسلام باختصار شديد، فالمعاملات الإسلامية لا تحصر في كتاب واحد! وهذا توازن الإسلام في المعاملة مع جميع الخلق.. بالخلق الحسن والعدل.. وهذا هو الإنسان المسلم الذي يحب الخير والحق لجميع الخلق. قال : (من الشجر شجرة تكون مثل المسلم، وهي النخلة) خ/2 [ 5133 ].
_________________________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق