‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوقات مليئة بالحسنات مع النية الصالحة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أوقات مليئة بالحسنات مع النية الصالحة. إظهار كافة الرسائل

الجمعة، أبريل 15، 2011

كتاب أوقات مليئة بالحسنات مع النية الصالحة

كتاب:

أوقات مليئة بالحسنات مع النية الصالحة

كتاب سهل وبسيط، ميسر ومختصر


جميع الأحاديث فيه صحيحة

يحتوي على 88 صفحة فقط

بروابط مباشرة ومفهرسة ليسهل الوصول للموضوع الذي تحب قراءته

كما يمكن تحميلة كاملا في ملف وورد مع وجود المراجع والفهرس

**
رابط جديد ببعض التعديلات
http://sub3.rofof.com/06vwtuo2/Dow.html


الفهرس: ((فقط اضغط ضغطة واحدة على الموضوع الذي تريده))




******************************************

الخميس، أبريل 14، 2011

إهداء


(( إهداء ))

أهدي هذا الكتاب..
إلى كل مؤمن ومؤمنة..
إلى أصحاب الهمم العالية..
اللذين يحرصون على اغتنام أوقاتهم بالأعمال الصالحة والمفيدة..
اللذين يريدون أن يؤجروا في كل سكنة وحركة وفي كل دقيقة وثانية..
اللذين يثقل عليهم أن تمر لحظة من حياتهم في غير طاعة الله عز وجل..
وإلى المشتغلين بالمعايش والأعمال، ويودون اكتساب الحسنات..
وإلى أصحاب الهمم الدنية، اللذين يتثاقلون الأعمال الصالحة رغم أنهم محبون لها ولجمع الحسنات لكنهم يريدون جمعها وهم على الأسرة..
أهدي هذا الكتاب إلى كل هؤلاء، لعله أن يطمئن قلوبهم ويفيض عليها بالسكينة والرحمة والأجر والثواب ويحرك قلوب آخرين ويدفعها إلى القمة...
**

المقدمة


المقدمة
الحمد لله الذي هدانا للإسلام وجعلنا من أهله، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، أحمده سبحانه وأشكره وأساله المزيد من فضله وكرمه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله النبي المصطفى والعبد المجتبى أرسله بالهدى ودين الحق بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، وهاديا إلى صراط مستقيم، فصلوات الله وبركاته عليه وعلى آله الطاهرين وصحابته الغُرِّ الميامين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد..
قال e: (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) البخاري:1/7،15. فهذا الحديث من جوامع كلماته الشريفة، ومن أعظم أصول الشريعة المنيفة فيدخل في هذا جميع العبادات والعادات ويتناول المعاملات والمعاوضات فلا يصح لأحد صلاة ولا زكاة ولا صيام ولا حج إلا بالنية ولا تكمل عباداته كلها وينمو ثوابها إلا بكمال الإخلاص وصحة الطوية والنية بها تميز فروض العبادات من نفلها وبإخلاصها يعظم أجرها وفوز العامل بفضلها فيجب على كل مسلم أن يوطن ننفسه على الاحتساب في كل شيء وإرادة وجه الله تعالى.
وها أنا أفتح لك في هذا الكتاب باب عظيما من أبواب الطاعات لتسعى لكسب كنوز من الحسنات في دقائق معدودات ودللتك على المفتاح الأعظم لهذا الباب ألا وهو: مفتاح الإخلاص فبادر بتجديد النيات لتغير جميع العادات إلى عبادات لتبلغ إلى أسمى الغايات إلى جنة رب الأرض والسماوات وتطبق قول الله تعالى في محكم الآيات       { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } (الأنعام، الآية162.)
وقد حاولت بعد الاعتماد على الله عز وجل أن لا أضع في هذا الكتاب غير الأحاديث الصحيحة ومن ثم حاولت الاختصار قدر الممكن وبسطه بصورة سهلة وبسيطة ليسهل على القارئ قراءته بدون ملل أو تعب وقد جزئت هذا الكتاب إلى أربعة أقسام.
القسم الأول: النية في الحياة اليومية.
القسم الثاني: النية في المعاملات.
القسم الثالث: النية في العبادات.
القسم الرابع: تذكرة عامة .
وأسأل الله أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه، معينا قراءه على كسب الحسنات وتجديد النيات، فما من صواب فمن الله وحده وما كان من خطأ أو نسيان فمني والشيطان..
 **

كيف يحكم المسلم في حياته قول الله تعالى (( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ))


كيف يحكم المسلم في حياته قول الله تعالى
(( قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ))

إن الدين كله داخل في العبادة والدين منهج الله تعالى جاء ليسع الحياة كلها وينظم أمورها من آداب الأكل والشرب وقضاء الحاجة إلى بناء الدولة وسياسة الحكم وسياسة المال وشؤون المعاملات والعقوبات وأصول العلاقات الدولية في السلم والحرب وأن الشعائر التعبدية من صلاة وصوم وزكاة وحج لها أهميتها ومكانتها ولكنها ليست العبادة كلها بل هي جزء من العبادة التي يريدها الله سبحانه، وتطبيق هذا الفهم للعبادة في دنيا الناس من شروط التمكين في الأرض كما أن العبادة لها أهمية في حياة الإنسان في تثبيت الاعتقاد وتثبيت القيم الأخلاقية وإصلاح الجانب الاجتماعي.
 فلن يستطيع المسلم أن يعبد الله سبحانه طوال اليوم فكما أن لآخرته حقوق فكذلك لدنياه حقوق فكيف يستطيع الأكل والشرب إن لم يعمل، وكيف ينعم بالنوم والراحة وهو يعلم أنه محاسب على كل ثانية في حياته.
لقد عُرف الله تعالى بأنه واسع المغفرة والرحمة رؤوف بعباده متودد لهم بإحسانه تفضل عليهم بجوده وكرمه فأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنه ويسر وسهل لهم طرق التلذذ والتنعم بالطيبات في الحياة والدنيا وسهل لهم الطريق لعبادته فضاعف لهم الأجر وحط عنهم الوزر وجعل لهم أعمالا قليلة أجورها كبيرة ولم يحّمل أحدا أكثر من طاقته قال تعالى: (( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها )) سورة البقرة:286 وقال سبحانه (( يريد الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليم حكيم. والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما. يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا )) سورة النساء:26-28. قال e (( عليكم من الأعمال بما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا )) صحيح الجامع 2/4085. وقال e(( عليكم برخصة الله التي رخص لكم )) صحيح الجامع2/ 4077.
فحقيقة الإسلام اليسر والسهولة لا التشدد والتنطع فالله سبحانه لم يشرع الشرائع للتشديد والعقوبة بل شرعها للرحمة والهداية وإنقاذ البشرية من ظلمات الجهل والضلال وجور الأديان إلى نور الإيمان وعدالة الإسلام، والسعادة الأبدية لهم في الدنيا والآخرة، كما قال الصحابي ربعي بن عامر: ( نحن قوم ابتعثنا الله لنخرج العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد ومن جور الأديان إلى عدالة الإسلام ومن ضيق الدنيا إلى سعة الدنيا والآخرة ).
فمن أجل كل ذلك شرع لنا الله عز وجل عملا يسيرا لا يتم أي عمل إلا به وهو: النية
قال e(( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) البخاري:1/7-15
فبمنطلق هذا الحديث يفسح الطريق للجميع لتتمتع بأي متعة شاء من طرق الحلال فإن المباح بالنية الصالحة يرتفع إلى قربة وطاعة فبذلك تستطيع أن تطبق قول الله تعالى بأن تجعل حياتك كلها لله بالنية الصالحة.
وهذا هو مقتضى الإيمان أن يسلم العبد حياته كلها لله ليقودها إلى الإيمان والأمان مصداقا لقول الله تعالى { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } الأنعام 162-163.
 **

وقفة مع القلب


وقفة مع القلب

القلب هو أهم عضو في جسم الإنسان وهو المحرك الأساسي لجميع أعضاء الجسم والحاكم عليها والمسئول عنها وهو محل نظر الله تعالى قال e (( إن الله لا ينظر إلى أجسامكم ولا إلى صوركم ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم )) رواه مسلم:2564، وهو العضو الوحيد الذي في صلاحه صلاح للجسد كله، وفي فساده فساد للجسد كله، قال  e(( ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب )) البخاري:1/116، ومسلم:1599
والقلب سر كامن في الجسد لا يعلم حقيقة سره إلا الله تعالى فبه يفرق بين الكافر والمؤمن، والصادق والكاذب، والمرائي والمنافق.
وللقلب غذاء لا يستطيع أن يحيى بغيره وهو غذاء الإيمان ولغذائه ذلك طعم لا يستطيع أن يعيش حياة طيبة بدونه قال e (( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد رسولا )) رواه مسلم:151، كما أن لغذائه حلاوة قال e (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرئ لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار )) البخاري:1/58،56-مسلم:43
والقلب السليم هو سبب النجاة الأول يوم القيامة قال تعالى { يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم } الشعراء 88. وهو سبب من أسباب دخول الجنة، قال تعالى    { وأزلفت الجنة للمتقين غير بعيد. هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ. من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب. أدخلوها بسلام ذلك يوم الخلود. لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد } ق 31. وهو الذي يعي الموعظة ويتقبلها قال تعالى: { إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد } ق 37.
القلوب أربعة أنواع:
1- قلب نقي تقي فيه سراج منير، فذلك قلب المؤمن قال تعالى { أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها } الأنعام 122.
2- قلب أغلف مظلم وذلك قلب الكافر، قال تعالى { وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون } البقرة 88.
3- قلب مرتكس منكوس وذلك قلب المنافق عرف الحق ثم أنكره وأبصر ثم عمي قال تعالى { فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا } النساء 88.
4- قلب تمده مادتان مادة الإيمان ومادة النفاق فهو على ما غلب عليه منهما قال تعالى في أقوام { هم للكفر يومئذ أقرب منهم للإيمان } آل عمران 167..
فيجب على كل مسلم أن يعرف حقيقة قلبه فإن معرفة القلب من أعظم مطلوبات الدين ومن أظهر المعالم في طريق الصالحين وإن معرفته تستوجب اليقظة لخلجات القلب وخفقاته وحركاته ولفتاته، والحذر من كل هاجس، والاحتياط من المزالق والهواجس والتعلق الدائم بالله فهو مقلب القلوب والأبصار.
فلابد أن نحرص على تمكين العقيدة الإسلامية في قلوبنا ونجعلها ضابطا لسلوكنا وتصرفاتنا وحركاتنا وسكناتنا، لا أمرا ثانويا في قاموس حياتنا فإنها هي القضية العظمى التي من أجلها نحيا ومن أجلها نموت وإليها ندعو وعنها ندافع وإننا في زمن كثرت فيه الفتن ولا خلاص لنا منها إلا بتنمية محبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم في قلوبنا وتقواه وخشيته في السر والعلن وتطهير القلب من المعاصي والذنوب والآثام وتغذيته بالتقوى والإيمان والنظر في سير أسلافنا من الصحابة وكيف أنهم كانوا يبذلون أنفسهم وأموالهم في سبيل الله تعالى وكيف كانت محبتهم لله ورسوله قال e (( تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير عودا عودا فأي قلب أشربها نكتت فيه نكتة سوداء وأي قلب أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء حتى يصير القلب أبيض مثل الصفا لا تضره فتنة مادامت السموات والأرض والآخر أسود مربدا كالكوز مجخيا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا إلا ما أشرب من هواه )) صحيح الجامع 1/ 2960.
فالإنسان الذي يهمل غذاء قلبه ويتبع هواه قد شابه قلب الحيوان لأن قيمة الإنسان الحقيقية في حياة قلبه وما أن يموت قلبه فليست له أية قيمة لأنه لا يستطيع أن يفهم أو يعقل أو يفكر قال تعالى { لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ولهم آذان لا يسمعون بها أولائك كالأنعام بل هم أضل } الأعراف 179. كذلك قال الله تعالى فيمن مات قلبه وعمي عن الحق { أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور } الحج 46.
وهنا تأتي معجزة عظيمة اكتشفها العلماء في هذا العصر تبين لنا عظم أهمية القلب وأنه ليس كأمثاله من الأعضاء قال تعالى { فتكون لهم قلوب يعقلون بها } إكتشف العلماء أن القلب هو الذي يفهم ويعقل ثم يرسل إشارة للعقل، فمن الذي أخبر محمد e بهذه المعجزة العظيمة.
ولقد أجرى أحد الأطباء المسلمين حوار مع عالم مريض كافر وكان مرضه نفسيا، فسأله الطبيب المسلم إذا أردت أن تمتع بصرك فماذا تفعل؟ قال: أنظر إلى الحدائق والأزهار أو إلى فيلم أو مسلسل رائع. قال له وإذا أردت أن تمتع سمعك فماذا تفعل؟ قال: أستمع إلى موسيقى هادئة أو أغنية جميلة. قال له: وإذا أردت أن تمتع أنفك ماذا تفعل؟ قال: أستنشق رحيق الأزهار أو العطور الزكية. قال له: وإذا أردت أن تمتع بطنك فماذا تفعل؟ قال: آكل ما أشتهي من ألوان الطعام والشراب. قال له: إن أردت أن تمتع جسدك فماذا تفعل؟ قال: أرتدي ما أحب من أنواع الملابس المختلفة والأحذية الأنيقة. قال له : وإذا أردت أن تمتع قلبك فماذا تفعل؟ ففوجئ العالم الكافر بهذا السؤال ولم يستطع أن يجيب لأن قلبه ميت، فعرف سبب مرضه لأن الله تعالى يقول: { ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا } طه 124. وهنا نجيب نحن بمقال الشاعر:               
يا خادم الإنسان كم تسعى لخدمته     أتعبت نفسك فيما فيه خسران
أقبل على الروح واستكمل فضائلها   فأنت بالروح لا بالجسم إنسان
إن في القلوب فاقة وحاجة لا يسدها إلا الإقبال على الله تعالى والإنابة إليه ولا يلم شعثها إلا بحفظ الجوارح واجتناب المحرمات واتقاء الشبهات.
فسبحان من حياة القلوب في محبته وأنس النفوس في معرفته وراحة الأبدان في طاعته ولذة الأرواح في خدمته، وكمال الألسن بالثناء عليه وذكره وعزها بالتعبد له وشكره.
ولكي يحافظ المسلم على سلامة قلبه وصلاحه لابد له من صيانة خاصة مستمرة حتى لا يموت القلب فأكثر الخلق يخافون من موت أبدانهم ولا يبالون بموت قلوبهم، وأما المسلم الحقيقي فيخاف من موت قلبه لا من موت بدنه ولصيانة القلب طرق كثيرة وأهمها:
1- إخلاص النية في العمل لله وحده
2- المتابعة وهي أن تبعد الله تعالى على بصيرة بما جاء به في كتابه العزيز وعلى لسان نبيه e وأن تبتعد عن كل البدع
3- إعتزال أماكن الفتن والشهوات، فهي تدمر القلب تدميرا
4- الدعاء بالتثبيت فإن الرسول e  كان أكثر دعائه (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )) صحيح الجامع 2/ 4801.، وقالe  (( إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم – أي يبلى – كما يخلق الثوب فاسألوا الله تعالى أن يجدد الإيمان في قلوبكم )) صحيح الجامع:1/1590
5- العلم فإن تعلم العلم والعمل به والدعوة إليه نور يضيء القلب ويطفئ ظلمة الجهل .
6- التوبة الاستغفار
7- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
8- تعظيم شعائر الله تعالى، قال تعالى { ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب } الحج 32.
وفي هذا الكتاب أنذ كر بالنية فهي من أهم الأعمال القلبية التي لا يقبل الله تعالى أي عمل بدونها، قال تعالى { وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين } الذاريات 55.

**

أهمية النية والإخلاص


أهمية النية والإخلاص
قال e (( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى )) البخاري:1/15،7.
دل الحديث على أن النية معيار لتصحيح الأعمال فحيث صلحت النية صلح العمل وحيث فسدت النية فسد العمل.
معنى النية لغة: القصد، يقال نواك الله بخير أي قصدك..
معنى النية شرعا: قصد الشيء مقترنا بفعله، وشرعت النية لتمييز العادة من العبادة، أو لتمييز رُتَب العبادة بعضها عن بعض.
1- مثال على تمييز العادة عن العبادة: الجلوس في المسجد قد يُقصد به الاستراحة في العادة، وقد يُقصد به العبادة بنية الاعتكاف، فالمميز بين العادة والعبادة هو النية، وكذلك الغُسل قد يقصد به تنظيف البدن في العادة وقد يقصد به العبادة فالمميز هو النية ، وإلى هذا المعنى أشار النبي e حين سُئل عن الرجل يقاتل رياءً ويقاتل حمية ويقاتل شجاعة أي ذلك في سبيل الله تعالى؛ فقال: (( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله تعالى )) البخاري:1/197-مسلم:1904.
2- مثال على تمييز رُتَب العبادة: فمن صلى أربع ركعات قد يقصد إيقاعها عن صلاة الظهر، وقد يقصد إيقاعها عن السنن فالمميز هو النية، وكذلك الصيام قد يقصد به الفريضة، وقد يقصد به نافلة كصيام الأيام البيض ونحوها فالمميز هو النية.
والنية محلها القلب، والتلفظ بها بدعة، وتكون النية قبل العمل ويجب فيها حضور القلب وصدق العزيمة والإخلاص لله تعالى لا خاطرا فقط فلو علم المسلم فضل النية وعظمتها لتأسف حسرة وندامة على ما فاته من عظيم الأجور.
معنى الإخلاص:
هو إفراد الله تعالى بالقصد في الطاعات قال تعالى:                   { وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء } البينة 5.
واعلم أن ألإخلاص قد يعرض له آفة العجب والرياء.
والرياء نوعان: أحدهما أن يريد الناس ورب الناس وهو بذلك يطلب الدنيا والآخرة فذهب بعض أهل العلم إلى أن عمله مردود لقول الرسول e ((قال الله تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك  فيه معي غيري تركته وشركه )) رواه مسلم:2985.
الثاني: لا يريد بطاعته إلا الناس وكلاهم محبط للعمل.
أخي الحبيب: لا وصول للسعادة إلا بالعلم والعبادة فالعمل بغير نية عناء والنية بغير إخلاص رياء وهو للنفاق كفء ومع العصيان سواء والإخلاص من غير صدق وتحقيق هباء وكم من عمل يتعب الإنسان فيه وهو يظن أنه خالص لوجه الله تعالى ويكون من المغرورين.
والنية الصالحة لا تغير المعاصي عن مواضعها فلا ينبغي للجاهل أن يفهم ذلك من عموم قوله e (( إنما الأعمال بالنيات )) فيظن أن المعصية تصير طاعة بالنية ولكن من الممكن أن تنقلب الطاعة إلى معصية بالقصد، ودخول النية في المعصية إذا أضاف مقاصد خبيثة تضاعف وزرها وتعظم وبالها، والطاعة مرتبطة بالنيات في أصل صحتها وفي تضاعف فضلها فأما الأصل فهو أن ينوي بها عبادة لله وحده فإذا نوى رياء صارت معصية، وأما تضاعف الفضل فبكثرة النيات الحسنة فالتطيب مثلا إن قصد به التلذذ والتنعم فهو مباح وإن نوى به إتباع السنة فهو قُربة وإن نوى به التودد إلى قلوب النساء الأجنبيات والتفاخر فهذا يجعل الطيب معصية، فإن المباح بالنية الصالحة يرتفع إلى قربة وبالنية الفاسدة يصبح معصية.

**

فضل النية


فضل النية
للنية فضائل عظيمة جدا فهي تجعل المسلم يجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات بدون أي مشقة أو تكلف وإليك بعضا من فضائلها :
1- قال e (( الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعمل لله فيه حقه فهذا بأفضل المنازل وعبد رزقه الله علما ولم يرزقه مالا فهو صادق النية يقول لو أن لي مالا لعملت بعمل فلان فهو بنيته فأجرهما سواء )) صحيح الجامع1/ 3024.
أخي الحبيب بادر وأسرع بالنية إنوِ لو أن لك مالا وصَلتَ به رحمك وبررت به والديك وساعدت الفقراء والمساكين والمحتاجين وبنيت به المساجد ووزعت المصاحف وبنيت دارا للأيتام وتحفيظ القرآن ونشرت به العلم بين الناس ولصرفته في كل أوجه الخير والحلال.
2- قال e لما رجع من غزوة تبوك ، فدنا من المدينة ، : ( إن بالمدينة أقواما ، ما سرتم مسيرا ، ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم ) . قالوا : يا رسول الله ، وهم بالمدينة ؟ قال : ( وهم بالمدينة ، حبسهم العذر) .البخاري:4423.
أخي العزيز: لقد شارك الصحابة الغائبون المجاهدين بحسن نياتهم، فانو أيها الحبيب ما تحب مع الصدق في ذلك فإن كتب لك عمله عملته، وإن حبسك العذر أخذت أجرك كاملا بإذن الله.
3- قال e (( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه )) صحيح الجامع 2/ 5941.
أخي المسلم: إحذر كل الحذر أن تنام قبل أن تنوي قيام الليل لكي لا يفوتك الأجر.
4- قال e: (( من أدان دينا ينوي قضاءه أداه الله عنه يوم القيامة )) صحيح الجامع2/ 5986.
أخي الحبيب: أنظر كيف عاملك الله تعالى  بنيتك فلا تتردد أبدا في نوايا الخير.
5- قال e (( من سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه )) رواه مسلم:1909
إعلم أنك تبلغ منازل الشهداء بصدق نيتك، وصدق النية هي: إرادة الله تعالى بالعبادة مع حضور القلب إليه فكل صادق مخلص وليس كل مخلص صادق، فلا تنسى أن تسأل الله الشهادة في جميع دعائك.
6- قال e (( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك فمن هم – أي نوى – بحسنة فلم يعملها كتبها الله تبارك وتعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها الله عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وإن هم بها فعملها كتبها له سيئة واحدة )) البخاري:11/277،مسلم:131
تأمل أخي المسلم إلى سعة رحمة الله تعالى فبمجرد النية كتب الله لك حسنة ولم يجازيك على السيئة بمثلها بل إن تركتها من أجله كتبت لك حسنة فاحرص أخي المسلم على أن تجمع أكبر قدر ممكن من الحسنات بالنوايا الصالحة.
7-  قال e (( يغزو جيش الكعبة فإذا كانوا ببيداء من الأرض يخسف بأولهم وآخرهم قالت عائشة رضي الله عنها كيف يخسف بأولهم وآخرهم وفيهم أسواقهم ومن ليس منهم قال: يخسف بأولهم وآخرهم ثم يبعثون على نياتهم )) البخاري:4/284، مسلم:2884
دل هذا الحديث على عظم شأن النية إذ أن الله سبحانه وتعالى سيجازيهم على حسب نياتهم لا على حسب أعمالهم فمن أراد النجاة فليحسن جميع نياته ولا يبالي أن يأتيه الموت على أيه حال.
8- قال e (( من استطاع منكم أن يكون له خبئ من عمل صالح فليفعل )) صحيح الجامع2/ 6018.
فالنية من أخبأ الأعمال التي لا يعلم بها إلا الله عز وجل فانو كل ما تحب وبذلك تكون قد طبقت حديث الرسول e.
قال بعض السلف: رب عمل صغير تعظمه النية ورب عمل كبير تصغره النية .
وقال يحيى بن كثير: تعلموا النية فإنها من أبلغ العمل
قال بعضهم: تجارة النيات تجارة العلماء والمعنى أن العلماء هم الذين يعلمون كيف يعاملون ربهم عز وجل ويربحون منه سبحانه أعظم ربح، أما في الطاعات فانوِ في الطاعة الواحدة نيات كثيرة، وأما في المباحات فما من شيء منها إلا ويحتمل نية أو نيات فيصير بها من محاسن القربات، كما قال بعضهم إني لأحتسب نومتي كما أحتسب قومتي. ونصح آخر فقال لا تعملن عملا إلا بنية.
وقد أجاز بعض العلماء بجمع أكثر من نية في عمل واحد بالطريقة التي ذكرنا ولكن لا يجوز أن ننوي بعمل واحد فريضة ونافلة كمن يصوم صيام الفرض وينوي مع الفرض صيام التطوع.
وهذه التجارة تجارة النيات تجعك تجمع حسنات أكثر في أقل الأوقات.
**

التحذير من النية السيئة


التحذير من النية السيئة
يجب على كل مسلم أن يحذر من نوايا السوء فخطرها عظيم فهي توقع الهلاك بالعبد وتجعله يقع في أخطر الذنوب ألا وهو الشرك الأصغر (( الرياء )) وإليك بعضا من أخطارها:
1- النية السيئة والرياء سبب من أسباب دخول النار قال e (( إن أول الناس يقضى يوم القيامة عليه رجل استشهد فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال: قاتلت فيك حتى استشهدت قال: كذبت ولكن قاتلت لأن يقال جريء فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار، ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال تعلمت العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن قال كذبت، ولكنك تعلمت ليقال عالم وقرأت القرآن ليقال قارئ فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه حتى ألقي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال فأتي به فعرفه نعمه فعرفها قال: فما عملت فيها قال ما تركت من سبيل تحب أن ينفق فيها إلا أنفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فسحب على وجهه ثم ألقي في النار )) رواه مسلم:1905
2- النية السيئة سبب لكسب الذنوب قال e (( الدنيا لأربعة نفر... وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما، يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه ولا يصل فيه رحمه ولا يعمل لله فيه حقه فهذا بأخبث المنازل وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو أن لي مالا لعملت فيه بعمل فلان فهو بنيته فوزرهما سواء )) صحيح الجامع1/ 3024 .
3- النية السيئة تهلك العبد قبل وقوع العمل قال e (( إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار فسئل: هذا القاتل فما بال المقتول قال: إنه كان حريصا على قتل صاحبه )) البخاري:1/81،مسلم:2888
4- النية السيئة تحبط العمل وإن كان صالحا، قال e (( بشر هذه الأمة بالسناء والدين والرفعة والنصر والتمكين في الأرض، فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة من نصيب )) صحيح الجامع1/ 2824.
وهذا العمل مثل ما يفعله الناس اليوم كمن يكثر من الصلاة والصيام والصدقة لينال رتبة عالية أو نجاح أو شهادة أو غيرها..
**