النية في اتخاذ الأصحاب
إن الإسلام يدعو إلى الأخوة والألفة، والمودة والتعاون، فالمودة والأخوة والزيارة سبب للتآلف، والتآلف سبب لقوة والقوة سبب لتقوى والتقوى سبب لمرضاة الله تعالى.
والإسلام يدعو إلى الأخوة الخالصة لله تعالى لا لأي غرض آخر من أغراض الدنيا، والأخوة الصادقة في الله تعد فضيلة وثمرة للخلق الكريم، فحسن الخلق يوجب تبادل المحبة والوفاء، ويؤدي إلى التآلف والتعاون بين الإخوة وأما سوء الخلق فإنه يؤدي إلى التباغض والتحاسد والهجران.
والتعارف أساس العلاقات بين البشر، وليس هناك دواع مقبولة تجعل الناس يعيشون أشتاتا متناكرين، قال تعالى: { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } آل عمران103. فيجب على كل مسلم أن يحرص على صحبة الصالحين الذين يعينون على طاعة الله عز وجل وأن يبتعد كل البعد عن رفقاء السوء الذين هم أصل لكل شر وبلاء فهم يؤذون صديقهم في الدنيا والآخرة ويوقعونهم في المعاصي وهم لا يعلمون، قال تعالى: { ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلا. يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلانا خليلا. لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني وكان الشيطان للإنسان خذولا } الفرقان27.
ولقد وضح النبي e اثر أصدقاء الخير والشر على جليسهم فقال: (( إنما مثل الجليس الصالح وجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير فحامل المسك إما أن يحذيك، ,وإما أن تبتاع منه وإما أن تجد منه ريحا طيبة ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحا منتنه )) البخاري:9/569،مسلم:2628
فهذا بيانا واضحا للجلساء، فليختر العاقل جليسه الذي يناسبه، وقد بين الرسول e خطورة الأصحاب في حديث آخر فقال: (( الرجل على دين خليله فلينظر أحدكم من يخالل )) صحيح الجامع1/ 3545، وقال في حديث آخرك (( المرء مع من أحب )) البخاري:10/426،مسلم:2641
فيجب على المسلم أن يختار الأصدقاء الصالحين وأن يحبهم في الله تعالى، ومعنى الحب في الله: أن تحبه إذا رأيته محافظا على الطاعات، منتهيا عن المعاصي والمحرمات أما أن تحبه من أجل سلطان أو مال أو جاه أو جمال.. فليس هذا الحب في الله.
- لماذا نتخذ أصحابا؟
* النية الأولى:
1- إقتداء بالنبي e فقد أشار أنه لو اتخذ لنفسه خليلا لكان أبو بكر رضي الله عنه، ولكنه آثر أخوة الإسلام فقال: (( ولكن أخوة الإسلام أفضل )) من روايات عديدة للبخاري.. وقال e (( لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا، ولكنه أخي وصاحبي، وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا )) صحيح الجامع:2/5298
* النية الثانية: للفوز بأجر ( الحب في الله تعالى )..
1- الحب في الله أوثق عرى الإيمان، قال e (( أوثق عرى الإيمان: الموالاة في الله، والمعاداة في الله، والحب في الله والبغض في الله عز وجل )) صحيح الجامع1/ 2539.
2- الحب في الله يكمل الإيمان، e (( من أحب لله وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان )) صحيح الجامع2/ 5965.
3- لذة الإيمان في الحب في الله؛ قال e: (( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر، بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار )) البخاري:1/56، ومسلم:43.
4- إكرام الله تعالى لمتحابين بأن يظلهم يوم القيامة بظله يوم لا ظل إلا ظله، ففي حديث السبعة الَّذين يظلهم الله: (( رجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه )) البخاري:2/199،ومسلم:1031.
5- الحب في الله يوجب محبة الله تعالى، قال تعالى في الحديث القدسي: (( حقت محبتي للمتحابين في )) صحيح الجامع2/ 4321.
6- الحب في الله أساس الإيمان قال e (( لا تؤمنوا حتى تحابوا )) صحيح الجامع2/ 7081.
7- الحب في الله، سبب من أسباب دخول الجنة، قال e (( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم )) صحيح الجامع2/ 7081.
8- إعداد الله عز وجل للمتحابين درجات عالية في الجنة قال تعالى في الحديث القدسي: (( المتحابون فيّ على منابر من نور، يغبطهم بمكانهم، النبيون والصديقون والشهداء )) صحيح الجامع2/ 4321.
9- الحب في الله تحقيق للإيمان قال e (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) البخاري:1/53،مسلم:45.
10- الحب في الله سبب لاستجابة الدعاء e: (( ما من عبد مسلم يدعو لأخيه بظهر الغيب إلا قال الملك ولك بمثل )) رواه مسلم:2732.
11- الحب في الله سبب لمغفرة الذنوب قال e: (( ما من مسلمين يلتقيان فيتصافحان إلا غفر لهما قبل أن يفترقا )) صحيح الجامع2/ 5777.
12- الحب في الله سبب للألفة، والألفة من الإيمان قال e (( المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف )) صحيح الجامع:2/666
13- الحب في الله يجعلك من خيار الناس، قال e (( خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه )) صحيح الجامع1/ 3270.
14- الحب في الله يجعلك تنفق خير الدنانير، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ: قَالَ e (( أَفْضَلُ دِينَارٍ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ دِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى عِيَالِهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ الرَّجُلُ عَلَى دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَدِينَارٌ يُنْفِقُهُ عَلَى أَصْحَابِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ )) صحيح مسلم - (ج 5 / ص 159)
15- الحب في الله يشعر بطعم الإيمان، قال e (( من أحب أن يجد طعم الإيمان فليحب المرء لا يحبه إلا لله )) صحيح الجامع2/ 5958.
16- الحب في الله يعين على تقوى الله، قال تعالى: { وتعاونوا على البر والتقوى } المائدة2.
17- البشرى لمن أحب الصالحين، أنه يحظى بالحشر معهم قال e (( المرء مع من أحب )) البخاري:10/462، مسلم:2641.
قال بعض الحكماء: خير الأصحاب من إذا رأوك على خير أعانوك، وإن رأوك على شر ذكّروك. .
وقال e (( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة )) صحيح الجامع1/ 280. وقال e (( ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشهدهما حبا لصاحبه )) صحيح الجامع2/ 5594.
فما أحوجنا لهذه الكرامات في هذه الأوقات الصعبة التي تفرق فيها الناس وتشتتوا فقلما تجد من يعينك على الخير وفعله.
**
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق