الخميس، أبريل 14، 2011

النية في المعاملة مع المسلمين


النية في المعاملة مع  المسلمين
إن المجتمع المسلم الذي شاد القرآن الكريم صرحه الشامخ، وأرسى لبناته وقواعده نبينا e كان مجتمعا فريدا في كل شيء فهو مجتمع له أدب فريد مع الله عز وجل يقوم على أساس العبودية لله تعالى، امتثالا عمليا لقوله تعالى: { قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين } الأنعام162
وهو مجتمع له أدب فريد مع رسول الله e يقوم على أساس الإيمان الصادق والإتباع الصحيح، والمحبة الكاملة وهو مجتمع له أدب فريد في تعامل الفرد مع نفسه ومع إخوانه المسلمين، فهو مجتمع تصان فيه الحرمات ولا تتبع فيه العورات ولا تنتهك فيه الأعراض، حاطه القرآن الكريم بسياج من الفضائل الكريمة والمشاعر النبيلة لا فضل في هذا المجتمع لعربي على أعجمي ولا لأبيض على أسود بل لا فضل لأحدهم إلا بالتقوى والعمل الصالح، كما قال تعالى: { إن أكرمكم عند الله أتقاكم } الحجرات13. وقد بين الرسول e قواعد هذا المجتمع المسلم وشدد على حرماته تشديدا عظيما ووضع حقوقا لكل مسلم على أخيه المسلم، فأولها: حق الحياة، وثانيها: حرمة المال، وثالثها: حرمة العرض، فهذه الثلاثة حقوق هي التي قوم عليها المجتمع المسلم.
فمن هنا كان لابد أن أذكر نفسي وإياكم بمضمون هذه الحقوق لكي نطبقها تطبيقا عمليا في حياتنا لنربط بين أشتات المجتمع المسلم.
-  لماذا نعامل المسلمين معاملة حسنة ؟
* النية الأولى:
1-  طاعة لأمر الله تعالى: قال e (( اتق الله حيثما كنت وأتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن )) صحيح الجامع1/ 97.
2-  تأدية لحقهم الواجب علينا قال e (( حق المسلم ست: إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه وإذا استنصحك فانصح له وإذا عطس فحمد الله فشمته وإذا مرض فعده وإذا مات فاتبعه )) رواه مسلم:5
3-  لنهي الرسول e عن التباغض والتحاسد والشحناء قال e (( لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع بعضكم على بيع بعض وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله )) مسلم:2564
4-  مراعاه لحرمة المسلم قال e (( كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه )) رواه مسلم:2564
5-  لربط العلاقات الحسنة بين المسلمين، فقد نهى الله تعالى عن التفرقة فقال عز وجل { واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا } آل عمران103.
* النية الثانية: للفوز بأجر المعاملة الحسنة..
وهذه بعض صور المعاملات بين المسلمين:
1-  احترام الكبير ورحمة الصغير وتوقير العالم، قال e (( ليس منا من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا حقه )) صحيح الجامع2/ 5443.
-    إن معاملتك بهذه المعاملة الحسنة، سبب لانتمائك لهذا الدين، ومن ثم احترام وتوقير الناس لك، فكما تدين تدان.
2-  النصرة للمسلمين قال e (( لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه فإنه له نصرة، وإن كان مظلوما فلينصره )) صحيح الجامع2/ 5483.
-    إن نصرك للمظلوم حق واجب عليك والله يجازيك عليه بأن ينصرك في الدنيا والآخرة قال e (( من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه )) رواه مسلم:2699
-    فنصرك للمظلومين، يبلغك هذه الفضائل.
3-  التبشير، وهو أن تدخ السرور على المسلمين قال e (( أحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا )) صحيح الجامع:1/176
-    هذا العمل يوجب محبة الله تعالى لك.
4-  الرفق والرحمة قال e (( من لا يرحم الناس لا يرحمه الله )) البخاري:13/303،مسلم:2319. وقال e (( ادن اليتيم منك، وألطفه وامسح برأسه وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك ويدرك حاجتك )) صحيح الجامع1/ 250. وقال e (( عليك بالرفق، إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا ينزع من شيء إلا شانه )) صحيح الجامع2/ 4041.
-    الرفق والرحمة سبب لرقَّة قلبك وإدراك حاجتك، ونيل رحمة الله تعالى.
5-  أن تحب للمسلمين ما تحبه لنفسك قال e (( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )) البخاري:1/53،مسلم:45.
-    حبك للمسلمين شعار لإيمانك.
6-  بذل المعروف، قال e (( كل معروف صدقة )) صحيح الجامع2/ 4555. وقال أيضا (( صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة )) صحيح الجامع2/ 3795. وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قَالَ لِيَ النَّبِيُّ e (( لَا تَحْقِرَنَّ مِنْ الْمَعْرُوفِ شَيْئًا وَلَوْ أَنْ تَلْقَى أَخَاكَ بِوَجْهٍ طَلْقٍ )) صحيح مسلم - (ج 13 / ص 69)
-    بذل المعروف سبب لكسب الحسنات والوقاية من الآفات والهلكات كما أنه سبب لدخول الجنة والنجاة يوم القيامة.
ومن صور بذل المعروف:
أ.    كفالة اليتيم، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ e : (( كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ )) وَأَشَارَ مَالِكٌ – أحد رواة الحديث - بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى. صحيح مسلم - (ج 14 / ص 247).
ب.  السعي على الأرملة والمسكين قال e (( الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله )) وأحسبه قال: (( وكالقائم الذي لا يفتر وكالصائم الذي لا يفطر )) البخاري:10/366،مسلم:2982
ج.   تنفيس الكرب،قال e (( من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر، أو يضع عنه )) رواه مسلم:1563،وقال e (( كان رجلا يداين الناس وكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرا فتجاوز عنه لعل الله أن يتجاوز عنا فلقي الله فتجاوز عنه )) البخاري:4/262،مسلم:1562
7-  السعي في نفع الناس قال e (( من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفه )) صحيح الجامع2/ 6019. وقال e (( خير الناس أنفعهم للناس )) صحيح الجامع1/ 3289، وقال تعالى: { وافعلوا الخير لعلكم تفلحون } الحج77. وقال e (( أحب الناس إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق  ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل )) صحيح الجامع:1/176. وقال e (( ما من مسلم يغرس غرسا، إلا كان ما أكل منه له صدقة وما سُرق منه له صدقة ولا يرزؤه أحد – أي ينقصه – إلا كان له صدقة )) رواه مسلم:1552 وفي رواية (( فلا يغرس المسلم غرسا فيأكل منه إنسان ولا دابة ولا طير إلا كان له صدقة إلى يوم القيامة )). وقال e (( الكلمة الطيبة صدقة )) البخاري،5/226،مسلم:1009 وقال e (( كل قرض صدقة )) صحيح الجامع2/ 4542. وقال e (( على كل نفس في كل يوم طلعت عليه الشمس صدقة منه على نفسه من أبواب الصدقة: التكبير، وسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله وأستغفر الله ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر ويعزل الشوك عن طريق الناس، والعظم والحجر، وتهدي الأعمى، وتسمع الأصم والأبكم حتى يفقه، وتدل المستدل على حاجة له قد علمت مكانها، وتسعى بشد ساقيك إلى اللهفان المستغيث، وترفع بشدة ذراعيك مع الضعيف، كل ذلك من أبواب الصدقة منك على نفسك ولك في جماعك زوجتك أجر )) صحيح الجامع2/ 4038.
-   السعي في نفع الناس من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل، وهو باب من ابواب الخير والصدقة، كما يجعلك تكسب فضائل عظيمة، من كشف للكروب وكسب للحسنات وأن يثبت الله قدمك ويستر عورتك ويملئ قلبك رضى.
8-  أداء الأمانة والوفاء بالوعد من حسن الخلق، قال e (( أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك )) صحيح الجامع1/ 240. وقال e (( ليس المؤمن بالطعان، ولا اللعان، ولا الفاحش، ولا البذيّ )) صحيح الجامع2/ 5381. وقال e (( إذا سبك رجل بما يعلم منك فلا تسبه بما تعلم منه فيكون أجر ذلك لك و وباله عليه ))  صحيح الجامع1/ 594.
ومن جملة الأخلاق: قول الرسول e (( عليك بحسن الكلام وبذل الطعام )) صحيح الجامع2/ 4049. وقال e (( فكوا العاني، وأجيبوا الداعي وأطعموا الجائع وعودوا المريض )) صحيح الجامع2/ 4229. وقال e (( إذا رأى أحدكم من نفسه أو ماله أو من أخيه ما يعجبه فليدع له بالبركة، فإن العين حق )) صحيح الجامع1/ 556.
-    حسن الأخلاق يكسب الأجر ويطيب النفس ويتمم الإيمان.
9-  إصلاح ذات البين قال e (( ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ إصلاح ذات البين )) صحيح الجامع1/ 2595.
-    الإصلاح عمل من أفضل الأعمال إلى الله عز وجل.
10-  إلانة الكلام وإطعام الطعام قال e (( إن في الجنة غرفا يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله تعالى لمن أطعم الطعام، وألان الكلام وتابع الصيام وصلى بالليل والناس نيام )) صحيح الجامع1/ 2123.
-    إلانة الكلام وإطعام الطعام سبب لدخول الجنة.
11-  إفشاء السلام: وهو أهم وأظهر المعاملات بين المسلمين فهو شعار لديننا ونور ننشره بيننا لنربط الحب والوفاء بين قلوبنا ولكن استبدله الجهال الذين لا يعرفون قدر عظمة هذا الدين وآدابه الشرعية، بألفاظا استحسنوها وهي غير مرضية، فأين هذه الألفاظ التي لا فائدة فيها أصلا من تحية المسلمين التي تجمع أكمل الدعاء، وأنفع الخير والثناء.
وإفشاء السلام:
1-     طاعة لأمر الله تعالى. قال عز وجل { يا أيها اللذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون } النور 27.
2-        طاعة للرسول e (( فهو القائل (( أفشوا السلام بينكم )) صحيح الجامع1/ 1086. أي انشروه.
3-        موجب للمغفرة، قال e (( إن من موجبات المغفرة بذل السلام وحسن الكلام )) صحيح الجامع1/ 2232.
4-         يجلب المحبة قال e (( أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم )) مسلم:54.
5-         تحية أهل الجنة قال تعالى: { تحيتهم فيها سلام } يونس10.
6-     من خير أعمال الإسلام؛ سئل النبي e (( أي الإسلام خير؟ قال: تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف )) رواه البخاري:11/18، ومسلم:39.
7-        صفة الكرماء قال e (( أبخل الناس من بخل بالسلام )) صحيح الجامع1/ 1044.
8-    من أسباب دخول الجنة قال e (( يا أيها الناس: أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا الأرحام وصلوا بالليل والناس نيام، تدخلوا الجنة بسلام )) صحيح الجامع2/ 7865.
9-    تعظيم لاسم الله تعالى قال e (( إن السلام اسم من أسماء الله تعالى وُضع في الأرض فأفشوا السلام بينكم )) صحيح الجامع1/ 1639.
10-            أمان لأنه مشتق من السلامة قال e (( أفشوا السلام تسلموا )) صحيح الجامع1/ 1087.
11-            نيل العلو قال e (( أفشوا السلام كي تعلوا )) صحيح الجامع1/ 1088.
12-      جالب الحسنات لأخيه السلم إذا رد عليه قال e (( إن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام )) صحيح الجامع1/ 3697. أما إذا لم يرد عليك، قال e فيمن يسلم ولا يرد عليه: (( فإن لم يردوا عليه رد عليه من هو خير منهم وأطيب )) صحيح الجامع1/ 3697.
13-          الفوز بالخيرية قال e (( خيركم من أطعم الطعام ورد السلام )) صحيح الجامع1/ 3318.
14-            يغيظ الكفار قال e (( إن اليهود ليحسدونكم على السلام والتأمين )) صحيح الجامع1/ 1997.
15-      حصول التعارف بين المسلمين قال e (( إذا لقي الرجل أخاه المسلم فليقل: السلام عليكم ورحمة الله )) صحيح الجامع1/ 790.
16-      سبب لتحصيل الحسنات عن عمران بن حصين رضي الله عنهما قال: (( جاء رجل إلى النبي e فقال: السلام عليكم، فرد عليه السلام، ثم جلس فقال عليه الصلاة والسلام ( عشرا )، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله فرد عليه، فجلس فقال: ( عشرون )، ثم جاء آخر فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه، فجلس فقال: ( ثلاثون ) )) صحيح أبي داود للألباني:3/4327
17-     إحياء لسنة النبي e ونشرها بين المسلمين.
18-      سبب لطلاقة اللسان والاسترسال في الكلام كما أنه يدل على تواضع المسلم،  قال e (( ما تواضع أحد لله إلا رفعه الله )) رواه مسلم:2538.
فالمعاملة الحسنة بين المسلمين تربط علاقتهم ببعض وتجعل الله تعالى معهم قال e (( يد الله على الجماعة )) صحيح الجامع2/ 8065. وقال e (( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى )) البخاري:10/367،مسلم:2586.

**

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق