الاثنين، أكتوبر 31، 2011

الأسلوب المثالي السابع: الابتسامة


الأسلوب المثالي [ السابع ] لنجاح وتأثير الدعوة :
(( الابتســـــــامــة ))

الابتسامة نعمة رسمت على الوجه لتزيده نضارة وحسنا، ولغة جميلة يتعارف بها الناس بعضهم ببعض، وسمه رحمة وحب إن خرجت من قلب صادق، ودليل على القرب والمودة والوفاء والإخاء..
والغريب أن الكثير من الناس يبخل بها مع أنها لا تكلف شيئا !!
أو يتكاسل عن تغير قسمات وجهه العبوس !!
أو يتكبر.. فهي دليل على القرب والتواضع..
أو يفتخر.. بأنه صاحب شخصية جادة لا تعرف اللعب والمرح!!

مع أن الابتسامة لا تعني ذلك... إنما تعني الحب والرحمة..

ويكفى فخرا " للمبتسم" أنه يقتدي بصاحب أفضل شخصية في العالم، وأفضل أسلوب لتخاطب مع الناس والتأثر فيهم.
إنه: [ رسول الله "محمد" صلى الله عليه وسلم ]
فقد جاء في وصف النبي صلى الله عليه وسلم؛ قال الصحابي عبد الله بن الحارث رضي الله عنه: (( ما رأيت أحدا أكثر تبسما من الرسول صلى الله عليه وسلم)) صحيح الترمذي للألباني:2880-2903.
**
قال صلى الله عليه وسلم: [ تبسمك في وجه أخيك لك صدقة ]
 صحيح الجامع للألباني: 2908
**
تبسم في وجوه الناس لتكسب ودهم  وقربهم ومحبتهم..
فالابتسامة تجذب قلوب الآخرين إلى ذلك الوجه المبتسم..
ومن ثم تتقبل ما يخرج من كلمات طيبة من تلك الشفاه المبتسمة.
**
يقول شاب: سبب التزامي ابتسامة شيخ !!
خرج ذلك الشاب من بيته مهموما مغموما ..قد ضاق صدره من المعاصي والآثام، وبسبب مشاكل حدثت في بيته..
خرج لعله يجد ما يفرحه ويذهب همه، فبينما هو يسير شاهد شيخا مبتسما، فأعجبه منظر الشيخ، فأحب أن يذهب إليه ويسلم عليه.
فلما جاءه.. قابلة الشيخ بوجه بشوش وابتسامة حانية، وصافحه ، وسأله عن حاله وعن اسمه.. وربت على كتفه وقال: أسأل الله أن يجمعني وإياك  مع النبي –صلى الله عليه وسلم- في الجنة. وأعطاه طيبا.
ففتح اله تعالى قلب الشاب بهذه الابتسامة وتلك المعاملة الحسنة. واهتدى إلى طريق الحق .
**
تلك نتيجة سحر الابتسامة !!


الأسلوب المثالي السادس: الجود والكرم


الأسلوب المثالي [ السادس ] لنجاح وتأثير الدعوة:

(( الجــــــــــــــــود والكــــــــــــــــرم ))
**
الجود والكرم: دليل على القرب والرحمة، وطيب النفس والوفاء والإخاء..
الجود والكرم: باب فسيح مفتوح يلجه الجميع بدون تردد..
الجود والكرم: إن دق باب القلوب، فتحت القلوب بابها على مصراعيه
وجميع الخلق مجبلون على حب المال، ومن أكثر ما يحتاجون إليه في دنياهم الأموال..
لذلك.. فإن أكبر ما يتقرب به الشخص للآخرين، وأفضل ما يؤثر في الإنسان أن يتقرب له الآخرين بما يحب.. فيقبل حينها الشخص معظم الأشياء مقابل الجود أو إعطائه ما يحب !!
**
ولم يترك لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أسلوبا محبوبا للخلق إلا وأرشدنا إليه..
عن أنس رضي الله عنه قال: ما سئل رسول الله –صلى الله عليه وسلم- على الإسلام شيئا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل، فأعطاه غنماً بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم أسلموا، فإن محمد يُعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها" رواه مسلم: 2311
ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتألف أناس من ضعاف الإيمان –بالجود والكرم- ليكسب قلوبهم، ويزيدهم قربا ، ويؤثر ذلك في الدعوة إليهم.. وتقبل الدين والعمل به..
عن أنس رضي الله عنه :أن أناسا من الأنصار قالوا ، يوم حنين ، حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازان ما أفاء . فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش . المائة من الإبل . فقالوا : يغفر الله لرسول الله . يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم ! . قال أنس بن مالك : فحدث ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من قولهم . فأرسل إلى الأنصار . فجمعهم في قبة من آدم . فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال : " ما حديث بلغني عنكم ؟ " فقال له فقهاء الأنصار : أما ذوو رأينا ، يا رسول الله ! فلم يقولوا شيئا . وأما أناس منا حديثه أسنانهم ، قالوا يغفر الله لرسوله . يعطي قريشا ويتركنا ، وسيوفنا تقطر من دمائهم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر . أتألفهم . أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال ، وترجعون إلى رحالكم برسول الله ؟ فوالله ! لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به " فقالوا : بلى . يا رسول الله ! قد رضينا . .صحيح مسلم: 1059
**
والجود والكرم.. يُعطى ابتغاء وجه الله تعالى وحده، ورجاءاً في هداية الناس، وخوخا عليهم من العذاب والعقاب...
فإن أُعطى بهذه الطريقة، فلن يندم الداعية أبدا، ولن يبخل.. على ما بذله وما يبذله في سبيل الله..
قال صلى الله عليه وسلم: [ إني لأعطي الرجل، وغيره أحب إلي منه ، خشية أن يكب في النار على وجهه ] صحيح البخاري:1478
**
فالجود والكرم.. أسلوب محبب للخلق، علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه.. فلنحافظ عليه، ونتحراه، لنكسب القلوب وتؤثر دعوتنا في النفوس.. ونفوز أخيرا بمقصودنا رضا الله تعالى وثمرة استجابة الناس لدين الله تعالى.





الأسلوب المثالي الخامس: الاقتصاد في الموعظة


الأسلوب الخامس لنجاح وتأثير الدعوة
(( الاقتصاد في الموعظة ))

للبشر طباع معينة يتفقون عليها، سواء قلت نسبتها بين شخص وآخر، فهم  جميعا مجبلون على نفس الصفات والسمات..
ومن تلك الطباع: (( الملل ))

وقد ذكر الله تعالى ذلك في كتابة بقوله سبحانه: [ يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)] سورة النساء.
والنفس البشرية تمل مهما عظم عندها الشيء، فبطبعها تحب التغيير وعدم الثبات على شي واحد
كذلك من عظمة دين الإسلام، ومراعاته واتفاقه مع القلوب التي خلقها الله تعالى، فقد تنوعت العبادات ودرجاتها ومنزلتها، حتى لا تسئم النفوس و تمل..

وأكد ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديث..
عن حنظلة بن جذيم الأسدي التميمي، قال." لقيني أبو بكر فقال : كيف أنت ؟ يا حنظلة ! قال قلتنافق حنظلة . قال : سبحان الله ! ما تقول ؟ قال قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم . يذكرنا بالنار والجنة . حتى كأنا رأي عين . فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات . فنسينا كثيرا . قال أبو بكر : فوالله ! إنا لنلقى مثل هذا . فانطلقت أنا وأبو بكر ، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلتنافق حنظلة . يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وما ذاك ؟ " قلت : يا رسول الله ! نكون عندك . تذكرنا بالنار والجنة . حتى كأنا رأى عين . فإذا خرجنا من عندك ، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات . نسينا كثيرا . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " والذي نفسي بيده ! إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم . ولكن ، يا حنظلة ! ساعة وساعة" ثلاث مرات .) صحيح مسلم: الصفحة أو الرقم:  2750
***********
وها هو الصحابي الجليل "عبد الله بن مسعود رضي الله عنه" يعلمنا أسلوب مثالي لدعوة ، تعلمه من صاحب الدعوة صلى الله عليه وسلم..
[[ كان عبد الله يذكر الناس في كل خميس ، فقال له رجل : يا أبا عبد الرحمن ، لوددت أنك ذكرتنا كل يوم ؟ قال : أما إنه يمنعني من ذلك أني أكره أن أملكم ، وإني أتخولكم بالموعظة ، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بها ، مخافة السآمة علينا .]] يتخولنا: أي يتعهدنا
الراويعبدالله بن مسعود- صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 70
____________________________
فعلى الداعية إلى الله تعالى، أن يتنبه إلى ذلك الأسلوب، فلا يكثر على المدعوون المواعظ والنصيحة، بل يتحرى الوقت المناسب، ولا يطيل في والمحاضرات،ويكتفي بالدروس الموجزة.. 
[خطبنا عمار . فأوجز وأبلغ . فلما نزل قلنا : يا أبا اليقظان ! لقد أبلغت وأوجزت . فلو كنت تنفست ! فقال : إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن طول صلاة الرجل ، وقصر خطبته ، مئنة من فقهه . فأطيلوا الصلاة واقصروا الخطبة . وإن من البيان سحرا " .الراوي: عمار بن ياسر، صحيح مسلم: الصفحة أو الرقم: 869،مئنة من فقهه: أي علامة على فقهه
فمن أراد أن تنجح وتُأثر دعوته،فليلتزم بذلك الأسلوب ويراعي الآخرين.. ويكفي شرفا لهذا الأسلوب أنه إقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام.
***************


الأسلوب المثالي الرابع: القدوة


(( الأسلوب المثالي: الرابع ))

القــــــــــــــــــــــــدوة

الزهور أجمل ما في البستان.. !!
لأن الزهر لا يكتفي بتواجده فحسب ؛ إنما يتميز عن الأشجار والأعشاب والحشائش التي حوله..
بجمال المظهر، وطيب الرائحة، وروعة الألوان الجذابة، وانتشار الشذى ..
فنظرة واحدة لزهرة جميلة ملونة.. معطرة بأريج فواح..
كفيلة بتغير الفكر، وصفاء الروح، وراحة القلب، واطمئنان النفس، واسترخاء المشاعر..
تلك هي القدوة..
جمال حقيقي يظهر على الروح المؤمنة، وطابع أصيل يتوجها في كل مكان، وأينما سارت يصحبها لتنقل عبق الإيمان لناس في صورة حية واقعية..
 صامته !!
لا تحتاج لقول.. بل تكتفي بالفعل.
القدوة..
تأثيرها : أقوى بكثير من الكلمات والإيحاءات..
مفعولها: سريع.. ويستغرق وقتا أقل من الحديث ساعات طوال..
نتيجتها: التطبيق الصحيح، المقنع، المفيد..
***
قال تعالى: [لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآَخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا (21)] الأحزاب.
·        في صلح الحديبية، رفض المشركون دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى مكة لأداء فريضة الحج، وتم عقد صلح الحديبية بين الرسول صلى الله عليه وسلم والمشركين، عندها أصاب المسلمون حزنا شديدا عندما علموا أنهم سيرجعون دون أن يؤدوا فريضة الحج، فأمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بالحلق والتحلل من الإحرام وذبح الهدي، فلم يقم منهم أحد لتنفيذ الأمر!! لما هم فيه من حزن، فحزن النبي صلى الله عليه وسلم ودخل إلى زوجته-أم سلمه رضي الله عنها- يشكوها مما حدث من أصحابه، فأشارت عليه بأن يخرج هو صلى الله عليه وسلم، ويحلق وينحر،
·        فخرج صلى الله عليه وسلم وحلق ونحر، فعندما رآه المسلمون قاموا إلى هديهم فنحروها، وحلقوا رؤوسهم.. إقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم
كوني..
أيتها الأم الغالية، قدوة لأبنائك، وأنت أيتها المربية والمعلمة كوني قدوة لطالباتك وأجيال المستقبل، وأنت أيتها الداعية صاحبة الهمة العالية.. كوني قدوة في كل شيء لجميع من حولك –جيرانك، أصدقائك، أقربائك..-
قدوة:
بالأخلاق، وجمال المظهر، وحسن الأدب، وتطبيق الشرع باطنا وظاهرا...
فالقدوة تغير الآخرين.. وهي سهم يدخل العيون والقلوب..
ويسبق الأسماع.. ليحرك الآخرين ويحفزهم على فعل الخيـر..
**
ولن تكون لدعوة ثمرة إلا إذا طبقت أولا على صاحب الدعوة وتتوجها وجعلها عنوانه الذي يعرف الناس الطريق إلى الدعوة من مظهرة وسمته.. قال تعالى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود...]
فكم رأينا من داعية مظهره لا يمد لشخصية المسلمة الحقة بصلة.. وكذلك أقواله وأفعاله.. وفي ذلك يقول الله تعالى: [ أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون ] آية عظيمة لو تدبرناها.. يقول تعالى..أنأمر الناس بالبر وفعل الخير والعمل الصالح.. وننسى أنفسنا التي لا بد أن نبدأ بها أولا!! والمشكلة أننا نتلو الكتاب.أي نعلم ويوجد عندنا علم فهلا أمرنا أنفسنا أولا؟؟!! يقول تعالى: (( أفلا تعقلون )) سبحان الله!! فالعاقل الذي يريد الخير ..عليه أن يبدأ أولا بنفسه وسينعكس تلقائيا عمله الصالح على للآخرين..وتلك هي القدوة الحقيقية.
________________________________________________


الأسلوب المثالي الثالث: الصبر


 (( الأسلوب المثالي الثالث ))

زهرة زكية الرائحة، جميلة المنظر، لكنها.. محاطة بالأشواك من الخارج!!
ولكي نستطيع الوصول إلى ذلك الجمال والبهاء، بل والكنز.. فعلينا بـــ
[[ الصبـــــــــــــــــــــــــــــــر ]]
قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200) ] آل عمران. قال تعالى : [وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴿١٠﴾] المزمل. وقال لقمان الحكيم لابنه: [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿١٧﴾ لقمان.
عن ابن مسعود رضي الله عنه، كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحكي نبيا من أنبياء الله، صلوات الله وسلامه عليهم، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه
ويقول: ( اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) ] متفق عليه.
لقد ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم المثل في الصبر والتضحية والفداء، لإنقاذ الناس من الظلمات إلى النور، ومن النار إلى الجنة.
وكانت النتيجة: نشر دين الله تعالى في الأرض.. وخروج الصحابة الأطهار رضوان الله عليهم جميعا، أئمة الهدى ونور الدجى.. فكانت تلك نتيجة الصبر!!!
**
كم هو شاق أن يترك الإنسان عملا اعتاد عليه سنوات وسنوات..
الرجيم.. لماذا شاق؟؟
لأن الإنسان يترك ما اعتاد عليه وتلذذه سنوات عديدة..
والرجيم يحتاج إلى شهور بل ربما سنوات حتى يرجع الجسم لحالته الطبيعية.
فكيف بمن يرد أن يغير عقولا وأفكار وقلوبا..أثبت من الجبال الرواسي؟؟
الصبر: يا دعاه الدين..
الصبر: يا صادقين..
الصبر: يا من تحبون الخير لناس أجمعين..
الصبر كما صبر قائدكم –معلم الصبر-
**
ليس الغاية من الدعوة، إخلاء المسؤولية والعمل بحديث الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فحسب!!
إن الغاية والهدف أسمى وأعلى من ذلك..
الهدف الوصول إلى قلوب الناس لإدخال الحق فيها.
ولإنقاذ الخلق من الظلمات إلى النور والسعادة والجنة..
وليس ذلك سهلا !!!
ليس سهلا أن تدخل قلبا، أو تغير شخصا..
إنما ينال ذلك..
بالصبـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر!!!
وعليكم بالثقة واليقين –أيها الصابرين- أن الله تعالى لن يضيع صبركم.


الأسلوب المثالي الثاني: الرحمة والرفق


((الأسلوب الثاني))

زهرة يحتاجها الجميع، الصغير والكبير، والشريف والعزيز، والمتكبر والمتواضع، والغني والفقير..وفي كل وقت.
زهرة تفتح القلوب .. لترسل مداد رائحتها الزكية إلى الأعماق فتنتعش وتعيش.. في ظل بستان الإيمان.
إنها زهرتنا الثانية في بستان الدعوة
[[ الرحمة والرفق ولين الجانب ]]

[دخل أعرابي المسجد ، والنبي صلى الله عليه وسلم جالس ، فصلى ، فلما فرغ قال : اللهم ارحمني ومحمدا ، ولا ترحم معنا أحدا ، فالتفت إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال : لقد تحجرت واسعا ، فلم يلبث أن بال في المسجد ، فأسرع إليه الناس ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أهريقوا عليه سجلا من ماء ، أو دلوا من ماء ، ثم قال : إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين]صحيح الترمذي للألباني الصفحة أو الرقم 147:،وفي رواية: (فقال الأعرابي بعد أن فقه : فقام إلي بأبي وأمي فلم يؤنب ولم يسب فقال إن هذا المسجد لا يبال فيه وإنما بني لذكر الله وللصلاة ثم أمر بسجل من ماء فأفرغ على بوله) صحيح ابن ماجة للألباني الصفحة أو الرقم 434:
هذا هو أسلوب قائدنا ورسولنا رسول الرحمة، الذي أوتي الكمال في كل جانب وخاصة جانب الدعوة الذي أرسل لأجلها.
قال r: [اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به] رواه مسلم/1828، وقال صلى الله عليه وسلم: [ إن شر الرعاء الحطمة ] متفق عليه، والمعنى: الرعاء: جمع راع، والحطمة: العنيف برعاية الإبل، ضربه صلى الله عليه وسلم مثلا لوالي السوء، أي: القاسي الذي يظلمهم ولا يرق لهم ولا يرحمهم."رياض الصالحين"
تحذير لدعاه من قائد الدعاه، رحمه وشفقة بالناس.
عن معاوية بن حكم السلمي رضي الله عنه، قال: [بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذ عطس رجل من القوم . فقلت : يرحمك الله ! فرماني القوم بأبصارهم . فقلت : واثكل أمياه ! ما شأنكم ؟ تنظرون إلي . فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم . فلما رأيتهم يصمتونني . لكني سكت . فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فبأبي هو وأمي ! ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه . فوالله ! ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني . قال " إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء منكلام الناس . إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن] رواه مسلم:537.
هذا هو محمد صلى الله عليه وسلم –معلم الرحمة- الذي يعلم يقينا أن ذلك هو أنجح أسلوب لمعاملة الجاهلين ببعض أمور الدين.
***
كان أصحب ابن مسعود رضي الله عنه إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون لهم: مهلا رحمكم الله مهلا رحمكم الله.
___________________________
ارحموا العاصين !!!
إنهم إخواننا وأهلينا.. قد أوقعوا أنفسهم في الهلاك، وتعرضوا لعذاب الله تعالى وعقابه.
ارحموهم..
فنحن كنا مثلهم.. وأنعم الله علينا بالهداية..
وكم كنا نحتاج إلى الرحمة في مثل ذالك الوقت..
إن قلوبهم طيبة ورقيقة.. ولكنها تحتاج وتفتقر الرحمة، وأيديهم تمتد لنا لعلها تجد يد حانية تنقذها.. وأعينهم تتقلب يمنة ويسره تراقب وتبحث عن أنفس رحيمة
لما القسوة ؟؟!!!
حتى إن لم يستجيبوا لنا !! هل القسوة هي الحل الوحيد!!
ليس هناك أنجح ولا أفضل من الرحمة والرفق ..
**
لقد قال تعالى لموسى عليه السلام عندما أرسله لأطغى إنسان، قد بلغ وتجاوز حد الكفر والتجبر والتكبر على الله تعالى: [اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ] سورة طه.
فالجميع إذا يحتاج لرحمه والرفق والقول اللين، مهما بلغ ومهما كان..هذا هو الطريق إلى القلوب.
**
الرحمة..
ترقق القلوب، وتفتحها، وتفيض عليها بالأمان والطمأنينة..
والثبات والاستقرار..
وسنظل نكرر دائما تلك الكلمة
" ارحمـــــــــــــــــــــــــــوا العاصين "

الأسلوب المثالي الأول: التدرج والبداية بأولى من الأعمال



لنقطف أولى زهرتنا من ذالك البستان الفسيح..

زهرة: متفتحة زكية، وردية نقية، يسيل نداها قطرة قطرة بلطف وارتخاء..
لتسقي القلوب شيئا فشيئا، من أعلى لأسفل، بتمهل ورفق
ليثبت الندى، ويسكن في القلوب.
*
الأسلوب الأول:
(( بدء الداعية بالأولى من الأعمال، ثم الذي يليها، إن هم أطاعوه ))

عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن النبي r بعث معاذا رضي الله تعالى عنه إلى اليمن فقال: [ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم] (البخاري/1- 1331)
فوائد الحديث:
1-   البدء بالأهم والفرائض من الأعمال، قبل غيرها من السنن والواجبات.
2-      التدرج- أي: أخذ الدين خطوة خطوة –عدم أخذه جمله-
3-      العمل- أن لا ينتقل إلى الخطوة التي تليها حتى يعمل بالأولى، لضمان الاستمرار.
فهذا الحديث أصل من أصول الدعوة إلى الله تعالى، ومن أعظم فنون الدعوة، فشرائع الإسلام كثيرة ومتعددة، لذلك أمر الإسلام أن يبدأ المسلم بالفرض ثم بالأفضلية من الأعمال، ثم الذي يليه.. الأولى بالأولى..لضمان الاستمرار والمداومة على طاعة الله عز وجل.. فالمشي على خطوة واحدة ثابتة، خير وأقوم وأثبت من المشي على خطوات كثيرة غير ثابتة.
ويؤكد لنا قول عائشة أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها ، قالت: " إنما نزل أول ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ولو نزل أول شيء لا تشربوا الخمر لقالوا لا ندع الخمر أبدا ولو نزل لا تزنوا لقالوا لا ندع الزنا أبدا " (البخاري:4707/2)




الأسلوب المثالي [ لنجاح وتأثير الدعوة]


الأسلوب المثالي [ لنجاح وتأثير الدعوة]

قال تعالى:
[وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّـهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴿٣٣﴾] فصلت.
إن الدعوة إلى الله من أعظم الأعمال التي يجب أن يقوم بها المسلمون ومن أجلِّ القربات التي يتقرب بها العبد إلى الله تعالى، ومن أحسن الأقوال التي يتلفظ بها الإنسان، وهي وظيفة الأنبياء والمرسلين ومن تبعهم إلى يوم الدين، وأصل من الأصول التي بنى الله تعالى عليها الحياة، فما من أمّه إلا ولها مرسلين إلى أن جاءت أمتنا هذه أمة الحبيب r، فكان خير نبي مرسل، أدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة وجاهد في الله حق جهاده وأدى ما عليه على أكمل وجه فصلاة الله وسلامه عليه ثم خلف من بعده الصحابة رضوان الله عليهم فتحملوا تلك الأمانة العظيمة ونشروا الإسلام في جميع أنحاء الأرض وكانوا في دعوتهم سائرين على منهج قائدهم وقدوتهم محمد r، فبذلك سادوا الأرض وفتحوا البلاد فمدحهم الله تعالى وأثنى عليهم فقال عز وجل:
[كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ] 110: آل عمران.
فمن أراد الفلاح والنجاة فليسر على ما سار عليه محمد r، وأصحابه رضوان الله عليهم قال تعالى: [وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴿١٠٤﴾] آل عمران.
لكن طريق الدعوة إلى الله تعالى طريق يحتاج إلى حكمة وحلم  وصبر.. وتوازن أيضا..
ولكي تؤتي الدعوة ثمارها الطيبة لابد من إتباع أسس معينة للسير في هذا الطريق: قال تعالى: [ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ﴿١٢٥﴾ ] النحل.
أولا: العلم،  [قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴿١٠٨﴾] يوسف. لابد من العلم بالمعروف والمنكر والتمييز بينهما ولا بد من العلم بحال المأمور، وحال المنهي كما قال عمر بن عبد العزيز: من عبد الله بغير علم كان يفسد أكثر مما يصلح، فإذا علم العبد أن إنكاره  لمنكر معين يترتب عليه منكر أكبر فإنه لا يجوز إنكاره وإذا ترتب عليه إزالة معروف أكبر منه لا يجوز الإنكار كذلك ينبغي قياس المصالح والمفاسد المترتبة، قبل أن نأمر بالمعروف أو ننهى عن المنكر.
ثانيا: الرفق، قالr: [إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله] رواه البخاري:1/375، مسلم: 2165 وقال r: [اللهم من ولي من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فاشقق عليه، ومن ولي من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به] رواه مسلم/1828 وقال r: [إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين] رواه البخاري:1/278
وكان أصحب ابن مسعود رضي الله عنه إذا مروا بقوم يرون منهم ما يكرهون يقولون لهم: مهلا رحمكم الله مهلا رحمكم الله.
ثالثا: الصبر، قال تعالى : [وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴿١٠﴾] المزمل. وقال لقمان الحكيم لابنه: [يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ ۖ إِنَّ ذَٰلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ ﴿١٧﴾ لقمان.
فلابد من هذه الثلاثة: العلم قبل الأمر والنهي، والرفق معه، والصبر بعده ولابد أن يكون الداعية المسلم متميز عن الآخرين بأخلاقه ورحمته وهيئته ومعاملاته.. فهذه الصفات تورث المحبة في قلوب الآخرين، وتجعلها تتقبل أوامر الله عز وجل وتنتهي عن نواهيه بقلوب راضية.
والدعوة إلى الإسلام واجب كل مسلم.."بما معه من علم" قال r :(من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان) رواه مسلم:49. ولا بد لداعي إلى الله تعالى أن يعمل بما يدعو إليه، قال تعالى: [أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (44)] البقرة.
والغاية من دعوة الناس..نشر الإسلام فلولا الدعوة إلى الله تعالى لما وصل إلينا الإسلام وما عرفنا شيئا عنه، ولنصيحة المسلمين، وإنقاذهم مما أوقعوا أنفسهم فيه من التعرض لعقوبة الله وغضبه ، ولإشاعة العدل ومحو الظلم والفساد في الأرض، وخوفا على إخواننا من العقوبة في الدنيا والآخرة، ورجاء الرحمة والهداية والسعادة لهم.. ولمحاولة تجميع المسلمين على كلمة واحده. وطمعا في هداية الناس. كذلك غيرة على انتهاك محارم الله تعالى. وتأدية لحق العلم الذي تعلمناه، قال r: ( لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه ... وما ذا عمل فيما علم؟ ) صحيح الجامع2/ 7299.
وعلى المسلم البلاغ فقط، وترك الأمر والنتائج إلى الله تعالى، فلا إكراه في الدين.. ولا حساب لأحد إلا على رب العالمين.
****************
قال صلى الله عليه وسلم: (( من دعا إلى هدى كانت له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا )) رواه مسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: (( من دل على خير فله مثل أجر فاعله )) صحيح الجامع2/ 6239.
________________
الدعوة إلى الله تعالى:
(( بستان ))
متعدد الثمار والأزهار، والأشكال والألوان
ولكن..
من يستطيع أن يجني ثماره؟؟
كثيرون يدخلون ذاك البستان، ويخرجون منه بملل وتعب ومشقة وعناء، بل وتذبل الأزهار ، وتفسد الثمار
لأنهم لم يسيروا على الطريق الصحيح الموصل إليها، ولم يعتنوا بالأزهار ويسقوها بالطريقة الصحيحة ..كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسقيها ويتعهدها بالرعاية واللطف والصبر..
***
فمن أراد أن يدخل بستان الدعوة، لابد له من أسس وفنون وطرق مثالية..
 ليجنو من ثمارها الطيبة، وتفوح منها الرائحة الزكية الطاهرة.. التي تملئ الكون بالنفع والعطاء.
________
فهيا بنا لنسير معا إلى بستان الدعوة إلى الله تعالى، ونتعرف على النجوم اللامعة الذين أجادوا هذا الفن..
لنقطف زهرة من كل بستان..
ونجني الثمار!!!
_________________________________
تابعونــــــــــــــــــــــــــــــــــا...