السبت، أبريل 16، 2011

توازن الإسلام في خلق الإنسان


توازن الإسلام في : خلق الإنسان


لقد خلق الله تعالى الإنسان بيده، ونفخ فيه من روحة، وأسجد له جميع ملائكته، وتولى سبحانه رعايته وحفظه، وميزه بحواس وقدرات ومواهب، وسخر له جميع ما في السماوات وما في الأرض وكرمه وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. قال تعالى: [وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70)] الإسراء. قال تعالى: [وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (13)] الجاثية.
فالإنسان إذاً محل اهتمام وتكريم.. وإنعام واصطفاء.. لا محل ذل وهوان.. وضياع وخذلان..
والله تعالى خلق الإنسان لغاية وهدف واحد. قال تعالى: [وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)] الذاريات. ومن ثم أعطاه حرية اختيار الطريق، وزوده بعقل حتى لا تكون له حجه قال تعالى: [إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا (3)] الإنسان.
****************************
إن من أبرز مظاهر التوازن لدى الإنسان؛ أن خلقه الله تعالى من ذكر وأنثى، وأنزل التكاليف التي تتناسب مع فطرة كلا من الجنسين، حيث زود الرجل وهيئ خلقته على حسب تكاليفه، وزود المرأة وهيئ خلقتها على حسب تكاليفها، وهما يشتركان في نفس التكاليف.. إلا اليسير منها على حسب ما زود وهيئ له كل من الجنسين، ولا تستقيم الحياة ولا تتوازن إذا تخلى أحد الجنسين عن تكاليفه الخاصة به، ليقوم بتنفيذ تكاليف الجنس الآخر..



لقد نزلت الشريعة للعالم كله، بأجناسه المختلفة رجالا ونساء، اشتركوا في التكاليف نفسها ويتعرضون لنفس السنن الكونية، وسيحاسبون في الآخرة بنفس المقاييس. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1)] النساء. قال تعالى: [فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ .. (195)] آل عمران. وقال تعالى: [مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (97)] النحل.
إن دور الرجل ومجال نشاطه وفعاليته للإنتاج المادي وتنشيطه، و دور المرأة ومجال نشاطها وفاعليتها للإنتاج البشري وتربيته. فلكل منهما دوره واختصاصه حسب مواهبه وفطرته التي فطره الله تعالى عليها^.
ولا فضل لجنس على آخر في الإسلام. ولا يظلم الله تعالى أي إنسان، قال تعالى: [إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (44)]يونس. والتفاضل الذي يضعه الإسلام بين الأجناس.. هو تفاضل التقوى فقط. ولا قيمة لأي تفاضل آخر يضعه البشر. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13)] الحجرات.
والإسلام يحرم تشبه أحد الجنسين بالآخر، لما فيه من الفوضى والاختلاط وعدم الرضا بفطرة الله تعالى. واختلال التوازن البشري والإسلامي، الذي خلق الله تعالى الجنسين ليحققانه. فعن بن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: لعن رسول الله  المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال)خ/2[ 5546]
*****************
((التوازن في: أعضاء الإنسان. قال تعالى: [وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)] الذاريات.))
وهنا نشير إشارة سريعة لتوازن المطلق في بنية وأعضاء الإنسان، حيث أن اليدين والرجلين في نفس المقاس والطول، فلا يد أطول من يد ولا رجل أدق من الأخرى. كذلك فإن اللون واحد للإنسان الفرد، وجميع الأعضاء في تناسق وتوازن عجيب!! فكل عضو يعلم متى دورة وعملة، ولا يتعارض عضوان معا، ولا  يتوقفان معا، بل كل عضو له وقته المحدد يعلم متى عمله ونشاطه، بدون أي خلل أو تدخل من الإنسان -إلا أصحاب العاهات الخاصة- فسبحان من أبدع ووازن!
وخلق الإنسان بهذا التكوين العجيب، وبهذه الخصائص الفريدة، وبهذه الوظائف الدقيقة المتنوعة الكثيرة الخارقة، نسيناها لطول تكرارها، ولقربها منا! ولكن التركيب العضوي لعضو واحدة من جوارح الإنسان، مسألة تدير الرأس عجبا ودهشة واستهوالا لهذا التركيب العجيب الدقيق المنظم*!
قال تعالى: [الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنْسَانِ مِنْ طِينٍ (7)] السجدة.
**********************
((توازن الإسلام في: غذاء الإنسان.))
لقد اهتم الإسلام بغذاء المسلم اهتماما لم يسبقه إليه أي دين أو تشريع، فلا يخلوا كتاب من كتب الفقه أو التشريع من باب في علم التغذية يسمى باب الأطعمة و الأشربة كذلك باب في علم التداوي وبين الإسلام فيما بين الأطعمة المباحة والأطعمة المحرمة*. 
إن الطعام الصحي والأغذية المتوازنة هما مفتاح التمتع بصحة جيدة وقوية وإن حياتنا تقوم على التغذية السليمة فالتغذية توفر للجسم كل العناصر الضرورية للحياة^ . قال : ( المؤمن القوي خير وأحب إل الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ) صحيح الجامع2/ 6650 والنقص فيها مصدر للأمراض والاضطرابات من كل نوع. قال:  ( لا ضرر ولا ضرار ) صحيح الجامع2/ 7517. 
وهناك نمطان أساسيان لسوء التغذية يتعلق أحدهما بحصول الجسم على مغذيات تقل عن حاجته وبينما يتعلق الآخر بحصوله على فائض منها وفي كلتا الحالتين نجد اختلالا بالنسبة لما يحتاجه الجسم لحفظ حياته^، وقد وضع الإسلام قوانين إلهية لننظم بها غذائنا:
-عدم ملأ البطن والتبذير والإسراف. قال : (ما ملا آدمي وعاء شرا من بطنه ) صحيح الجامع2/ 5674. قال تعالى: [وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)] الأعراف.
- تنويع أصناف الطعام فإن الجسم يحتاج إلى عناصر غذائية متنوعة مفيدة  لينعم بالصحة والنشاط والله سبحانه سخر لنا كل ما يحتاجه الجسم من أصناف الطعام. قال تعالى: [فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ (24) أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا (25) ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا (26) فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا (27) وَعِنَبًا وَقَضْبًا (28) وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا (29) وَحَدَائِقَ غُلْبًا (30) وَفَاكِهَةً وَأَبًّا (31) مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ (32)] عبس  . 
ولابد أن نعرف مصدر الطعام الذي يدخل معدتنا فيجب أن يكون حلالا. قال : ( كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به ) صحيح الجامع2/ 4519. والسحت: الحرام. 
****************************
((توازن الإسلام في: الحب))
ينظم الإسلام مشاعر وعواطف الإنسان بأدق وأفضل نظام.. حتى لا تطغى تلك العواطف على عقلة وحياته ودينه.
فالحب.. طبع جبلي لجميع البشر يصدر عنه قول وفعل وتعلق وارتباط.. فجاء الإسلام ليتوسط بين القوة والضعف؛ فلا حب جنوني.. ولا بغض نهائي.. قال : (أتاني جبريل فقال : يا محمد ! عش ما شئت فإنك ميت و أحبب من شئت فإنك مفارقه و اعمل ما شئت فإنك مجزي به و اعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل و عزه استغناؤه عن الناس) صحيح الجامع" حسن:73" قال علي رضي الله تعالى عنه: (أحبب حبيبك هونا ما عسى أن يكون بغيضك يوما ما و أبغض بغيضك هونا ما عسى أن يكون حبيبك يوما ما) صحيح الجامع178. 
والإسلام ينهى عن البغض والشحناء والعداوة. قال : (لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يحقره ولا يخذله) م/.2564. ويرغب ويحث على الترابط بين المسلمين ونشر الحب والمودة بينهم، قال : ( والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم) صحيح الجامع2/ 7081. وقال : ( المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) صحيح الجامع:2/6662. وذكر  في حديث السبعة الَّذين يظلهم الله تعالى في ظله يوم لا ظل إلا ظله: (رجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك، وافترقا عليه) خ:2/199،م:1031. وقال  في الحديث القدسي، قال الله تعالى: (حقت محبتي للمتحابين في) صحيح الجامع2/ 4321. وحري بالمسلم أن يحب الصالحين المتقين، ليحظى بالحشر معهم يوم القيامة قال النبي : ( المرء مع من أحب) متفق عليه/خ:10/462، م/2641. 
فالإسلام دين الحب .. حب بين الأصدقاء والمجتمع والأسرة والزوجين والأبناء والجيران.. بل وقد أكد الإسلام على بقاء الحب والإستزاده منه بقدر التوسط، قال: ( إذا أحب أحدكم أخاه في الله فليعلمه، فإنه أبقى في الألفة، وأثبت في المودة) صحيح الجامع1/ 280. وقال : ( ما تحاب اثنان في الله تعالى إلا كان أفضلهما أشهدهما حبا لصاحبه ) صحيح الجامع2/ 5594. 
********************************
((توازن الإسلام في: العلاقة بين الجنسين.))
إن من مظاهر التوازن في خلق الإنسان أن خُلق من ذكر وأنثى، لتتم به عمارة الأرض بالتزاوج ليتحقق التناسل والتكاثر، وتقام شريعة الله تعالى في الأرض.
والإسلام دين يسر وسهولة ودين فطرة، يلبي جميع متطلبات الإنسان ولا يرضى لأبنائه التقلص والانفراد والانقراض! بل يحث على بقاء النسل وعمارة الأرض وإصلاحها لتبقى الحياة مستمرة ومتوازنة إلى أن يرث الله تعالى الأرض ومن عليها. 
و يقيم الإسلام العلاقة بين الرجل والمرأة على أساس المشاعر النبيلة الراقية الطاهرة النظيفة التي تبنى على السكن النفسي والبدني والرحمة والمودة وليس مجرد المتعة^! 
وقد شجع الإسلام النكاح. قال تعالى: [وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآَتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آَتَاكُمْ ..(33)] النور، قال  (تزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم) صحيح الجامع1/ 2941. وقال : ( يا معشر الشباب من استطاع الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء)خ/2 -4779 ففيه ترويح للنفس وإيناسها بغيرها، ومجاهدة لنفس ورياضتها بالرعاية والولاية والقيام بالحقوق، وتكثير النسل المسلم، ودفع لشهوات المحرمة.
 وقد لبس الشيطان على بعض العباد فمنعهم من النكاح تشاغلا بالعبادة، ورأوا أن النكاح شاغلا عن عبادة الله عز وجل!" قال : (وفي بضع أحدكم صدقة، قالوا: يأتي احدنا شهوته ويكون له فيها اجر؟! قال أرأيتم لو وضعها في حرام كان عليه وزر؟ قالوا: نعم، قال: كذلك إذا وضعها في الحلال كان له اجر)، ثم قال: (أفتحتسبون الشر ولا تحتسبون الخير) م/1006 قال : (إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاث – أشياء – صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له) م/1631.
ومنهم من قال إن النكاح يوجب النفقة، والكسب صعب وهذه حجه للترفه عن التعب والكسب"، قال : (دينار أنفقته في سبيل الله، ودينار أنفقته في رقبة، ودينار أنفقته في صدقة، ودينار أنفقته على عيالك، أفضلها الدينار الذي أنفقته على عيالك) م/995.
ومنهم من قال: النكاح يوجب الميل لدنيا !! وجميع هذه الحجج مخالفة لشرع !! أترى رسول الله  لما كان ينبسط مع نسائه.. أكان خارجا عن الأنس بالله تعالى وعبادته، ومنشغلا ومائلا إلى دنيا"!! قال : (إني أتزوج النساء، وأنام وأقوم وأصوم وأفطر، فمن رغب عن سنتي فليس مني) متفق عليه:خ/9-89، م/1401.
ولما كان الإسلام يهول ويعظم من شأن "الزنا" بل وينفي الإيمان عن مرتكبة في ساعتها، قَالَ النَّبِيُّ : ( لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَشْرَبُ الْخَمْرَ حِينَ يَشْرَبُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَسْرِقُ حِينَ يَسْرِقُ وَهُوَ مُؤْمِنٌ ، وَلَا يَنْتَهِبُ نُهْبَةً يَرْفَعُ النَّاسُ إِلَيْهِ فِيهَا أَبْصَارَهُمْ حِينَ يَنْتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) خ/2308، وجعله من كبائر الذنوب، ومن أشنع الفواحش، ورتب عليها أعظم العقوبات.. أرشد سبحانه عبادة إلى أطهر وأفضل السبل للقضاء على الشهوات التي فطر عليها الإنسان، وهو طريق "النكاح" فحث ورغب فيه، بل ورتب عليه الجزاء العظيم في الإنفاق والسعي عليه وتلبية جميع متطلباته.
فالنكاح إذا أفضل الطرق للقضاء على الشهوات، وبقاء النسل، المنتمي إلى أبوين مترابطين يعيش في أحضانهما، إلى أن ينموا ويكبر، ويتكفل الوالدين بتربيتهم ورعايتهم والقيام بحقوقهم، كذلك من فوائده.. تنظيم المجتمعات، والترابط بين أفرادها، والقضاء على الفوضى والأمراض الفتاكة، والحفاظ على النسل الضائع، بل والحفاظ على الأعراض المنتهكة المسلوبة المظلومة والقيام بالعدل والحفاظ على حقوق الإنسان الكاملة. 
قال تعالى: [وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)] الإسراء. فالقران يحذر من مجرد مقاربة الزنا، ولأن هذه الفواحش ذات إغراء وجاذبية، كان التعبير "ولا تقربوا" للنهي عن مجرد الاقتراب سدا لذريعة، واتقاء للجاذبية التي تضعف معها الإرادة، كذلك مبالغة في التحرز، لأن الزنا تدفع إلية شهوة عنيفة، فالتحرز من المقاربة أضمن، فعند المقاربة من أسبابة لا يكون هناك ضمان*. قال : (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)خ/2[ 4808
ومن ثم يضع الإسلام الضمانات توقيا للوقوع فيه، فيكره الاختلاط في غير ضرورة، ويحرم الخلوة، وينهى عن التبرج بالزينة، ويمنع الإشارات والحركات والضحكات المثيرة، ويحض على الزواج لمن استطاع، ويوصي بالصوم لمن لا يستطيع، ويكره الحواجز التي تمنع من الزواج كالمغالاة في المهور.. وينفي الخوف من العيله والفقر بسبب الأولاد، ويحض على مساعدة من يبتغون الزواج ليحصنوا أنفسهم، ويوقع أشد العقوبة على الجريمة حين تقع، وعلى رمي المحصنات الغافلات دون برهان، إلى آخر وسائل الوقاية والعلاج، ليحفظ الأمة المسلمة من التردي والانحلال.
فهذا الدين لا يريد أن يعرض الناس للفتنة ثم يكلف أعصابهم عنتا في المقاومة! فهو دين وقاية قبل أن يقيم الحدود، ويوقع العقوبات، وهو دين حماية لضمائر والمشاعر والحواس والجوارح*..
فالإسلام يقر بالزواج ويحث ويشجع ويثيب عليه، ويشنع ويهول من شأن الزنا، ويغلق جميع الطرق الموصلة إلية، ويرفض الرفض الشديد الرهبانية والتبتل والانقطاع.. ويفسح طريق النكاح .. الطريق الآمن المريح.. هذا هو توازن الإسلام !!
***************
((توازن الإسلام في: الجمال والزينة))
الإنسان مجبول على حب الجمال والزينة.. فأقر الإسلام تلك الفطرة ونظمها تنظيما متوازنا.. ولم يهمل أو ينسى أي جانب من جوانب الفطرة التي خلق الله الناس عليها.
قال تعالى: [قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)] الأعراف.
الزينة في الإسلام.. ليست تلبية لفطرة الإنسان فحسب! إنما هي من فضائل ومحاسن الإسلام التي يثاب ويؤجر عليها المسلم، إذا التزم بقوانينها وحدودها.
والإسلام دين قيم وطهر وجمال وعزة.. فبني زينة المسلم على ذالك الطهر والجمال والعفاف.. 
قال : (إن الله جميل يحب الجمال) م:91
فالجمال.. طابع الإسلام الأصيل*.. وكل زينة المسلم مبنية على هذا الجمال. و ليس جمالا ظاهرا فحسب! بل يهتم لإسلام أولا بجمال الباطن وطهارة ونظافة القلب والجسد فهو دين أساس وإخلاص.
***************
[النظافة الشخصية والطهارة في الإسلام]
قال : (الفطرة خمس، أو خمس من الفطرة: الختان والإستحداد، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط، وقص الشارب) خ:10/295، م/257. وعن أنس بن مالك قال‏:‏ ‏(‏وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة أن لا نترك أكثر من أربعين ليلة‏)‏‏(م).
نظافة الجسم. قال : (على كل رجل مسلم في سبعة أيام، غسل يوم وهو يوم الجمعة) صحيح الجامع2/ 4034. وعلى المسلم في كل يوم وضوء.. بغسل الوجه مع المضمضة والاستنشاق، وغسل اليدين إلى المرفقين والقدمين إلى الكعبين، ومسح الرأس مع الأذنين، وواجب على المسلم أيضا الاغتسال من الجنابة، وعلى المرأة الاغتسال بعد الحيض والنفاس.
كذلك يجب على المسلم التطهر من جميع النجاسات.. كما يجب عليه غسل اليدين عند الاستيقاظ من النوم قبل البدء في أي عمل.. لتحقق الطهارة والنظافة في كل شيء.
********************
[الرائحة الطيبة الزكية]
قال : (طيبوا أفواهكم بالسواك، فإنها طرق القرآن) صحيح الجامع2/ 3939، وقال : (عليكم بالسواك، فإنه مطيبة للفم، مرضاة للرب) صحيح الجامع2/ 4068. 
قال أنس رضي الله عنه عن النبي :" ولا شممت رائحة قط أطيب من رائحة رسول الله " خ:6/420، م/2330، و"كان يعرف بريح الطيب إذا أقبل" صحيح الجامع2/ 4988. و"كان يعجبه الريح الطيبة" صحيح الجامع2/ 4983. 
*************************
[جمال المظهر]
قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا ونعله حسنه، قال: ( إن الله جميل يحب الجمال) م/91.
قال : (من كان له شعر فليكرمه) صحيح الجامع2/ 6493. ولقد أنكر على من لم يهتم بذلك فقال: (أما كان يجد هذا ما يسكن به رأسه؟ أما كان يجد هذا ما يغسل به ثيابه) صحيح الجامع1/ 1333. وأمر رجلا فقال له: (أكرم شعرك وأحسن إليه) صحيح الجامع1/ 1218. 
قال : (عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر، وينبت الشعر) صحيح الجامع2/ 4056، وفي رواية أخرى: ( إكتحلوا بالإثمد..) صحيح الجامع1/ 1197. 
***********************
 [التزين باللباس والحلي]
قال تعالى: [يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) ] الأعراف. قال : ( إذا صلى أحدكم فليلبس ثوبيه فإن الله تعالى أحق من تزين له) صحيح الجامع1/ 652. 
وعن عبد الله بن عمر قال: أخذ عمر جبة من إستبرق تباع في السوق فأخذها فأتى رسول الله  فقال يا رسول الله:" ابتع هذه تجمل بها للعيد والوفود )خ1[ 906 ]، وقال  لعمر بن الخطاب رضي الله عنه: ( إلبس جديدا وعش حميدا، ومت شهيدا) صحيح الجامع1/ 1234 و (كان أحب الثياب إليه القميص) صحيح الجامع2/ 4625. وقال : ( إلبسوا من ثيابكم البياض فإنها من خير ثيابكم) صحيح الجامع1/ 1236. قال : ( إلبسوا الثياب البيض، فإنها أطهر وأطيب) صحيح الجامع:1/1235.
وكان : (خاتمه من فضة، فصه منه) صحيح الجامع2/ 4809. وقال : ( أُحِل الذهب والحرير لإناث أمتي، وحرم على ذكورها) صحيح الجامع1/ 209
-قال ابن عباس رضي الله عنهما ترجمان الأمة وفقيهها: "إني لأتزين لامرأتي كما أحب أن تتزين لي" وقال : ( خير النساء التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه في نفسها ولا مالها بما يكره) صحيح الجامع1/ 3298.
وقال : (استكثروا من النعال، فإن الرجل لا يزال راكبا مادام منتعلا) صحيح الجامع1/ 954. 
**************************
 [نظافة الدور والساحات]
قال : ( طيبوا ساحاتكم، فإن أنتن الساحات ساحات اليهود) صحيح الجامع2/ 3941. وقال : ( طهروا أفنيتكم، فإن اليهود لا تطهر أفنيتها) صحيح الجامع2/ 3935.
********************
[إظهار نعمة الله تعالى على الإنسان]
قال تعالى:[ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ (11)] الضحى. قال : ( إن الله جميل يحب الجمال، ويحب أن يرى أثر نعمته على عبده ويبغض البؤس والتباؤس) صحيح الجامع1/ 1742 وقال : ( إذا آتاك الله مالا، فليُر عليك، فإن الله يحب أن يرى أثره على عبده حسنا ولا يحب البؤس ولا التباؤس) صحيح الجامع1/ 255. 
**************************
[جمال العفاف وعز وشرف الستر]
إن من مظاهر تكريم الإسلام  للإنسان – رجلاً كان أو امرأة – أَمْرُه بستر عورته واعتباره ذلك من متطلبات التزيُّن الذي تتطلبُّه النفوس السويّة وتقتضيه الفٍطَر السليمة ويستلزم خُلُق الحياء... ومن المعلوم أن التهاون في كشف العورات مُفسد للأخلاق ومثير للشهوات وذل وهوان للإنسان المكرم عن سائر الحيوانات بل والمخلوقات جميعها^.. قال تعالى: [يَا بَنِي آَدَمَ قَدْ أَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآَتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آَيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (26)] الأعراف.
فالله سبحانه امتن على الإنسان باللباس والريش، واللباس المراد به: ستر العورات، والريش: ما يتجمل به ظاهرا، فاللباس من الضروريات والريش من الكماليات، ثم نبه سبحانه إلى خير لباس وهو لباس التقوى وهو التحلي بالفضائل والتخلي عن الرذائل^.
قال : ( لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة) م/338 
**********************
شروط الزينة: 
*أن لا تشبه زينة الكفار. قال : ( من تشبه بقوم فهو منهم) صحيح الجامع2/ 6149 .
*أن لا يتشبه النساء بالرجال ولا الرجال بالنساء، فقد: ( لعن رسول الله  المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) خ:10/280، قال : ( لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل) صحيح الجامع2/ 5095. 
*عدم التبذير والإسراف، قال تعالى:[وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31) ]الأعراف. قال النبي : (كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا في غير إسراف ولا مخيلة)خ/2 
*النهي عن التكبر قال : ( لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر) م/91
*عدم تغيير خلق الله. 
هذا هو توازن الإسلام في الزينة. ففي أي شرع وأي قانون يوجد هذا الجمال وبهذا التناسق والتوازن!!!!
____________________________________________

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق