أطياف إيمانية
قال تعالى: [وَاللَّهُ
يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ
أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا (27) يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ
يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا (28)] النساء.
بر الوالدين:
كلمة ثقيلة، تحمل معاني كبيرة، معنى الصبر والتضحية، والبذل والعطاء..
ومهما كتبنا فلن نستطيع أبدا أن نوفي حقهما.كيف لنا أن نوفي حق من يحمل همنا طول
حياتنا- سواء أظهر لنا ذلك أو لم يظهر- كيف نؤدي شكرهما
وقد عاشا وأفنيا حياتهما
من أجلنا، وقدما الغالي والنفيس لسعادتنا وراحتنا.. ؟! حقهما عظيم، ومكانتهما
عالية، يكفي شرفا لها أن قرنها الله تعالى مع التوحيد أعظم أمرا في الإسلام، قال تعالى: [وَقَضَى
رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا
يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا
أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا (23)
وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا
كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا (24)] الإسراء.
إن من أعظم الأعمال التي يتقرب بها المسلم إلى الله تعالى "بر
الوالدين" قال r: [ رضا الرب في رضا الوالدين وسخطه في سخطهما](صحيح
الجامع1/ 3507).وقال r: [ ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ ثلاثا، قلنا بلى
يا رسول الله قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئا فجلس، فقال: ألا
وقول الزور وشهادة الزور، فمازال يكررها حتى قلنا ليته سكت](البخاري10/342،
مسلم:87) وقال r: [ ثلاثة لا يدخلون الجنة: العاق لوالديه
والديوث ورجله النساء](صحيح الجامع1/ 3063).وقال r: [اثنان يعجلهما الله في الدنيا: البغي، وعقوق
الوالدين ](صحيح الجامع1/ 137).
صلة الأرحام والجيران:
قال r: [من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر، فليصل رحمه] (البخاري:10/373-مسلم:47)، وقال r: [من أحب أن
يبسط له في رزقه، وينسأ له في أثره؛ فليصل رحمه] (البخاري:10/348-مسلم:2557)، وقال r: [من كان
يؤمن بالله واليوم الآخر؛ فليحسن إلى جاره] (مسلم: 48).
تحريم الربا وأكل أموال الحرام:
قال r: [كل جسد نبت
من سحت فالنار أولى به](صحيح الجامع:2/4519)السحت: الحرام. وقال r: [لعن الله
آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، هم فيه سواء] (صحيح الجامع:2/5090).
أيها العزيز.هل تقوى على محاربة
الله تعالى خالق الكون، صاحب القوة والقدرة الإلهية! قال تعالى: [يَا
أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا
فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ
أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (279)] البقرة. إن ظلمك وأخذك لأموال الناس
بالباطل، راجع عليك عاجل أو آجل، والله تعالى يمهل ولا يهمل، ورزقك مكتوب ومقدر، فلا
تستعجل وارض بما أعطاك الله تعالى.ليبارك الله في أموالك.
الحجاب:
قال تعالى: [يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ
الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ
يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (59)]الأحزاب.أختنا الغالية حافظي على نعمة الجمال التي أنعم الله بها عليك؛
بالتزام الحجاب الشرعي الذي افترضه الله تعالى على جميع النساء ( حتى لا يؤذيهن
أحد! ) حفاظا وتكريما لهن، وصيانة لهن من أيدي العابثين والمعاكسين..
أيتها الدرة المكنونة: استمتعي بكامل زينتك وجمالك أمام بنات جنسك
ومحارمك، ولكن،، التزمي فقط بالحجاب الشرعي أمام الرجال الأجانب، الذي شروطه: أن
لا يصف ولا يشف ولا يكون زينة، وأن يستر جميع الجسد.
الحجاب الشرعي: عزة، وعفه، وطهارة.. والفتاه المحجبة كالحلوى المغلفة
لا يحصل عليها إلا بالثمن الغالي النفيس، وأما الغير محجبة فهي كالحلوى المكشوفة،
يقع عليها الذباب والأتربة.. ومهما صدت وحاولت دفع تلك القاذورات.. فهي مستهدفة
ومكشوفة للآخرين.
وسؤالنا لك.هل الفتاة المعاقة - سواء إعاقة في عينها أو وجهها أو
بشرتها أو شعرها أو أعضائها- تستطيع أن تتبرج؟!وماذا تتمنى؟!
والله ما ظننا بها إلا أن تقول ربي أرجع لي جمالي وطبيعتي وسأحافظ على
نعمك أشد المحافظة، ولن أعرض تلك النعم العظيمة لزوال بالاستهانة بفريضة الحجاب.
لا تقربوا الزنا!
قال تعالى: [وَلَا تَقْرَبُوا
الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32) ] الإسراء. حذر الله سبحانه من مجرد مقاربة
الزنا اتقاء للجاذبية التي تضعف معها الإرادة. وحفاظا على المشاعر الإنسانية من
هدرها على شهوات مؤقتة حقيرة لا تستحق روح المؤمن الطاهر العزيز!
الزنا: مرض، ذل، فضيحة، تشتت، ضياع
للأطفال، فساد في الأرض، غضب الله تعالى، وعذاب أليم في الدنيا والآخرة. فلما
تشتري لذة ساعة لكل لذلك؟! الحل الوحيد: الزواج الشرعي، والبعد عن خطوات الشيطان
التي أول طريقها المعاكسات، وتساهل النساء بالحجاب، ومتابعة الأفلام المحرمة،
والاختلاط.. وأخيرا: عليكم بالصبر ولكم الأجر.
احذر المخدرات! "الانتحار البطيء"
أيها العاقل الحكيم، هل ترضى بالسكر
والجنون! أيها الصابر الجلد، حاول وجاهد نفسك على الصبر واحتمال المصائب، واثبت
صبرك وأنت بكامل عقلك، أيها الناصح الأمين، انتبه لنفسك! المخدرات: ضياع لصحة و"انتحار
بطيء" وتعرض لجميع الأمراض، وتلف للأعضاء، وخسارة في العقل-أعظم ما يملك
ويميز الإنسان- وضياع للأموال والأولاد..
حكم المعازف "الموسيقى":
قال تعالى: [وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ
سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ
مُهِينٌ (6)] لقمان.
قال ابن القيم: يكفي تفسير الصحابة والتابعين -للهو
الحديث- بأنه الغناء، فقد صح عن ابن عباس وابن مسعود، قال أبو الصهباء: سألت ابن
مسعود عن قوله تعالى: (ومن الناس من يشتري لهو الحديث) فقال: والله الذي لا إله
غيره هو الغناء –يرددها ثلاث مرات- وصح عن ابن عمر أيضاً أنه الغناء.(إغاثة اللهفان لابن القيم)، ويمكن الاستغناء عنها واستبدالها، بالأناشيد الإسلامية.
قال r:[ ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحر والحرير
والخمر والمعازف...](السلسلة الصحيحة للألباني:91) ومعنى استحلال الشيء، أي جعله حلالاً وهو في الأصل محرم.
وقال r:[إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين، صوت عند
نغمة مزمار شيطان ولعب، وصوت عند مصيبة..](صحيح
الجامع:5194) وقال r: [ليكونن في هذه الأمة خسف وقذف ومسخ، وذلك إذا
شربوا الخمور واتخذوا القينات وضربوا بالمعازف](السلسلة
الصحيحة للألباني:2203)
معنى اللعن:
اللعن: هو
الطرد والإبعاد من رحمه الله تعالى! فإلى رحمة من نلتجئ إن طردنا الله من رحمته !
هل أحدا من البشر يستطيع العيش بدون رحمة الله ! لدينا ذنوب وهموم لا ترفع إلا
برحمة الله، ولكن كيف نعرض أنفسنا للعنة، ثم نرجو رحمة الله ؟!!
ذُكر في
كتب الأحاديث أحاديث عدة عن أعمال تستوجب لعنة الله تعالى للعبد، ومن أكثر ما يقع
من تلك الأعمال! قالr: [ لعن الله الربا، وآكله، وموكله، وكاتبه، وشاهده، وهم يعلمون، والواصلة، والمستوصلة، والواشمة، والمستوشمة، و النامصة، والمتنمصة ] صحيح الجامع:5094
الأخلاق الحسنة:
أخلاقك
عنوانك! قال r: [إن
من أحبكم إلي، وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة، أحاسنكم أخلاقا ](صحيح الجامع1/ 2201) ومن محاسن الأخلاق: التواضع والحلم والرفق
واللين، واحترام الكبير ورحمه الصغير ونصر المظلومين ومساعدة الفقراء والضعفاء
والمساكين والألفة والمحبة بين المسلمين.. قال r: [أحب الناس
إلى الله أنفعهم وأحب الأعمال إلى الله عز
وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا أو تطرد عنه جوعا،
ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهرا ومن كف
غضبه ستر الله عورته ومن كظم غيظا ولو شاء
أن يمضيه أمضاه ملأ الله قلبه رضا يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له أثبت
الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل كما يفسد الخل العسل](صحيح الجامع:1/176)، وقال r: [ من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة
ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلما ستره الله في
الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه] (رواه مسلم:2699)
كذلك من مساوئ الأخلاق: الظلم والاستهزاء
والسخرية والخيانة وسوء الظن والغيبة والنميمة والكذب والسب والشتم والغلظة وسوء
الظن... قال r: [أتدرون ما المفلس؟ قالوا المفلس فينا
من لا درهم له ولا متاع، قال r: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة
وصيام وزكاة ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطى
هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم
فطرحت عليه ثم طرح في النار] (رواه
مسلم:2581).
الشيطان
عدو مبين:
قال تعالى: [إِنَّ الشَّيْطَانَ
لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا
مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (6)]فاطر، ماذا ستفعل إن علمت أن عدوا موجودا يترقبك ؟!
أليس ستحرص كل الحرص على نفسك وأهلك،
وتنتبه غاية الانتباه لمكايده وخيانته وطرقه، وتقف له بالمرصاد. فكيف بعدوك
الشيطان ! فالله تعالى عندما أخبرنا أنه عدو لنا، لم يتوقف عند ذلك وإنما قال
تعالى: "فاتخذوه عدوا" فلا يغرنكم ويخدعنكم تزيينه وأمانيه لأنه في
الحقيقة عدو.. قال تعالى عن الشيطان: [لَعَنَهُ اللَّهُ وَقَالَ
لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا (118)
وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ
آَذَانَ الْأَنْعَامِ وَلَآَمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ وَمَنْ
يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا
مُبِينًا (119) يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ
الشَّيْطَانُ إِلَّا غُرُورًا (120)] سورة النساء.
طرق إغواء الشيطان: التزيين، والوعد
والتمني، والتسويف، والاستدراج.. قال تعالى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
آَمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ
الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ] سورة النور.
والله تعالى خلق الشيطان؛ اختبارا
لبني آدم، وليتبين الصادق الصابر على الشهوات وتزيين الشيطان، من الكاذب الذي يتبع
هواه وطرق الشيطان. قال تعالى: [أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آَدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا
الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ
اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (61)]يس.
فاحذر أيها العاقل اللبيب من عدوك. ومن
الاستجابة لأوامره وطاعته والانخداع
بتزينه.
فالشيطان: سبب للوقوع في جميع
المعاصي، ونشر الشر، ودخول النار، قال تعالى: [وَقَالَ الشَّيْطَانُ
لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ
فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ
فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا
بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا
أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (22)] إبراهيم.
تلك هي
دارنا !
دار مليئة بالهموم والآلام، وكلنا حتما سيتجرع من كأسها المر، ويتذوق حرارتها
المؤلمة. إنها دار فانية. فمهما أخذنا منها فلن نحصل إلا على أقل القليل ومهما
سعدنا في أيامها فبعدها المر الأكيد، ومهما أعطتنا من خيرها فإلى زوال محتوم.
إن التعلق الشديد بالدنيا ، ليدعو إلى
السعي وراء أتفه أسباب الحياة وإلى التعلق الشديد بالملذات، والصراع الدائم مع
الآخرين للوصول إلى متعها، والطمع والبخل بماديات الحياة، والحقد والحسد لكل صاحب
فضل، ومنع الخير عن الآخرين. وانتظار الثواب منها وفيها فقط ! قال تعالى: [وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا
وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ (60)] القصص.
أتعبتينا يا دار! أفنيتي شبابنا، وحطمتي آمالنا، خدعتينا تزينت وتلونت بألوان شتى لتجذبينا! قلتي لنا أنك كبيرة، طويلة الأجل، واسعة المدى.. فاسرحوا في آمالكم
وأمنياتكم.. فأنا لكم!
والله لا أمان لك يا دار.. الأمل فيك وهم.. والأحلام سراب..
فكم من فتى وفتاه تعبوا وشقوا وأفنوا شبابهم لينالوا نعيمك، وما أن
حصلوا عليه إلا سلبتيه منهم.
كم من محب أحبك من أعماق قلبه، وعاش وأفنى حياته
من أجلك، وقدم الغالي والنفيس لينالك.
وهؤلاء..أصحاب الآمال والأحلام.. ظلوا ينتظرون تحقيقها، ففاجأهم الموت قبل أن تتحقق!!
قالr: [من كانت الآخرة همه جعل الله غناه في قلبه، وجمع له شمله
وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كانت الدنيا همه جعل الله فقره بين عينيه وفرق عليه
شمله ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له]
(صحيح الجامع2/ 26510) واعلم
أن الله يختبرك ما أنت صانع في هذه الحياة، قال r
[ إن الدنيا حلوه خضرة وإن الله
مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون فاتقوا الدنيا واتقوا النساء] رواه مسلم:
2742.
ولا بد أن نأخذ منها ما يصلحنا، وما يمكننا العيش
فيها، فلنجعلها في أيدينا لا في قلوبنا، مع الحذر منها، والقناعة فيها. فنحن نعيش
في سفينة تخوض بنا في متاهة الدنيا تقلبنا يمنه ويسره
فإياك أن تغرق بك سفينتك في بحر الشهوات والملذات!
ويا ترى أين
سترسي بك السفينة؟ وعلى أية حال ستخرج من هذه المتاهة! قال تعالى على لسان
الرجل المؤمن: [يَا قَوْمِ إِنَّمَا
هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآَخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ
(39) ] غافر.
حافظ على وقتك:
وقتك هو عمرك وحياتك! فلا تجعل عمرك
يضيع هباء،استعمله في ما ينفعك في الدنيا والآخرة، أشغل نفسك بالمفيد لتثبت قيمة
حياتك، ومكانتك بين الناس فالفراغ عنوان الضياع والفساد..
اعرف من أين تأخذ دينك..
كتاب الله تعالى وسنه نبيه rالصحيحة، هما المصدر الوحيد للفلاح
والهداية.
تأكد من صحة الأحاديث، ومن صحة
الفتاوى، وأخذ الدين من الشيوخ والعلماء الموثوق فيهم، لتعبد الله تعالى على
بصيرة، فالله تعالى لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصا لوجهه متبعا لسنه رسوله r الصحيحة.
قال النبي r: [إن
الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ] (صحيح مسلم/ 146)
فلقد أجرى الله
الكريم سنته بكرمه، أنه من عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه، فمن
عاش على الطاعة مخلصا لله تعالى، ومتبعا لهدي رسول الله r،
فإنه يموت على طاعة.. ويجازيه الله تعالى خير الجزاء على ما قدم، ويسكنه رياض
الجنان.
*
قال تعالى:
[مَا يَفْعَلُ اللَّهُ
بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا
(147)] سورة النساء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق