توازن الإسلام في: الإيمان بالآخرة
الحياة في المقصود الإسلامي - ليست هذه الفترة القصيرة التي تمثل عُمر الإنسان الفرد، وليست الفترة المحدودة التي تمثل عُمر الأمة من الناس، كما أنها ليست الفترة المشهودة التي تمثل عمر البشرية في هذه الحياة الدنيا*.
إن الحياة في التصور الإسلامي –تمتد في الزمان، فتمثل هذه الفترة المشهودة –فترة الحياة الدنيا- وتمتد في المكان- فتضيف إلى هذه الأرض التي يعيش عليها البشر، دارا أخرى: جنة عرضها السماوات والأرض.. ونار حامية !! بينما أولئك الذين لا يؤمنون بالآخرة، يتضاءل تصورهم للوجود الكوني، وتصورهم للوجود الإنساني، وهم يحشرون ويضيقون تصوراتهم وقيمهم في ذلك الجحر الضيق الصغير الضئيل من هذه الدنيا* !!
ومن هذا الاختلاف في التصور يبدأ الاختلاف في القيم، ويبدأ الاختلاف في النظم.. ويتجلى كيف أن هذا الدين "الإسلامي" منهج حياة متكامل متناسق.. وتتبين قيمة الحياة الآخرة*.
الحياة في المقصود الإسلامي - ليست هذه الفترة القصيرة التي تمثل عُمر الإنسان الفرد، وليست الفترة المحدودة التي تمثل عُمر الأمة من الناس، كما أنها ليست الفترة المشهودة التي تمثل عمر البشرية في هذه الحياة الدنيا*.
إن الحياة في التصور الإسلامي –تمتد في الزمان، فتمثل هذه الفترة المشهودة –فترة الحياة الدنيا- وتمتد في المكان- فتضيف إلى هذه الأرض التي يعيش عليها البشر، دارا أخرى: جنة عرضها السماوات والأرض.. ونار حامية !! بينما أولئك الذين لا يؤمنون بالآخرة، يتضاءل تصورهم للوجود الكوني، وتصورهم للوجود الإنساني، وهم يحشرون ويضيقون تصوراتهم وقيمهم في ذلك الجحر الضيق الصغير الضئيل من هذه الدنيا* !!
ومن هذا الاختلاف في التصور يبدأ الاختلاف في القيم، ويبدأ الاختلاف في النظم.. ويتجلى كيف أن هذا الدين "الإسلامي" منهج حياة متكامل متناسق.. وتتبين قيمة الحياة الآخرة*.
قال تعالى: [فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (29) ذَلِكَ مَبْلَغُهُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى (30)وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)] النجم.
إن إنسانا يعيش في هذا المدى المتطاول من الزمان والمكان .. غير إنسان يعيش الجحر الضيق، ويصارع الآخرين، بلا انتظار لعوض عما يفوته، ولا جزاء لما يفعله وما يُفعل به.. إلا في هذه الأرض ومن هؤلاء الناس* !!
إن اتساع التصور وعمقه وتنوعه ينشئ سعه في النفس، وكبرا في الاهتمامات، ورفعه في المشاعر والقيم والسلوك.. فإذا أضيف إلى ذلك الاعتقاد في عدل الجزاء في الدار الآخرة، وفي ضخامة العوض عما يفوت، استعدت النفس للبذل في سبيل الحق والخير والصلاح* ..
قال تعالى: [فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)]الزلزلة.
وقد أخطا من ادعى أن عقيدة الإيمان بالآخرة تدعوا إلى السلبية في الحياة الدنيا، والى إهمالها، وتركها بلا جهد لتحسينها وإصلاحها وتركها للطغاة والمفسدين.. تطلعا إلى نعيم الآخرة !!
فالدنيا في التصور الإسلامي –مزرعة للآخرة- والجهاد في هذه الحياة الدنيا لإصلاح الحياة، ورفع الشر والفساد عنها ..
فكيف يتفق لعقيدة هذه تصوراتها .. أن يدع أهلها الحياة الدنيا تركن وتفسد وتختل ويشيع فيها الظلم والطغيان وتتخلف عن الإصلاح والعمران! وهم يرجون الآخرة، وينتظرون الجزاء من الله تعالى !
إنما يزاول المسلم حياته في هذه الأرض وهو يشعر أنه أكبر منها وأعلى، ويستمتع بطيباتها وهو يعلم أنها حلال في الدنيا، خالصة له يوم القيامة، ويجاهد لترقية هذه الحياة وهو يعرف أن هذا واجب الخلافة في الأرض. ويكافح الشر والفساد والظلم محتمل الأذى والتضحية فهو إنما يقدم لنفسه في الآخرة فليس هناك طريق للوصل للآخرة إلا يمر بالدنيا، فالدنيا صغيرة وزهيدة ولكنها من نعم الله تعالى التي يجتاز منها إلى نعمه الله عز وجل الكبرى*
قال تعالى: [إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا يُؤْتِكُمْ أُجُورَكُمْ وَلَا يَسْأَلْكُمْ أَمْوَالَكُمْ (36)] محمد.
وشعور الإنسان بأن خالقة تعالى محاسبه ومجازية في الآخرة، يغير من تصوراته وموازينه وتحفزاته وأهدافه، ويربط الحاسة الأخلاقية في نفسه بمصيره، فيزيدها قوة وفاعلية، لأن هلاكه أو نجاته مرهونة بيقظة هذه الحاسة وتأثيرها في نيته وعمله لأن الحساب الختامي ينتظره هناك.*
قال تعالى: [وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49)] الكهف.
ومن ناحية أخرى مطمئن إلى الخير واثق منه، حتى لو انهزم في الأرض في بعض الجولات، فهو مكلف دائما أن ينصر الخير ويكافح في سبيله سواء انهزم في هذه الأرض أم انتصر. لأن الجزاء النهائي هناك*.. قال تعالى: [وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (32)] الأنعام.
إن الاعتقاد بأن الحياة الدنيا، نهاية حياة الإنسان ليدعو إلى السعي وراء أتفه وأحقر أسباب الحياة وإلى التعلق الشديد بالملذات، والصراع الدائم مع الآخرين للوصول إلى متع الحياة الدنيا، والطمع الشديد والبخل بماديات الحياة، والحقد والحسد لكل صاحب فضل، ومنع النفع والخير عن الآخرين. لأنه يريد كل شيء في الدنيا يكون له بدون النظر إلى أسباب الحياة الشريفة التي ترفع من قدر الإنسان المكرم. فما دام أنه يعيش في الدنيا فيكفي أنه يعيش فيها*، قال تعالى: [وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَى حَيَاةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ (96)]البقرة. فكل طموحات وأهداف هذا الإنسان العيش في الحياة الدنيا وانتظار الثواب منها وفيها فقط! ولن يظلمه الله تعالى؛ بل سيعطيه حقه كامل في الحياة الدنيا، قال تعالى: [مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16)] هود.
والله تعالى أعطى للإنسان المكرم، العقل ثم حرية الاختيار؛ إما الحياة الدنيا فقط والثواب فيها أيضا فقط! وإما الحياة الدنيا مع الآخرة، والثواب والجزاء فيهما جميعا. وللعاقل أن يختار ما يشاء قال تعالى: [مَنْ كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ الدُّنْيَا فَعِنْدَ اللَّهِ ثَوَابُ الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (134)] النساء. ولكن.. من أراد الآخرة، فيجب عليه العمل لها والسعي لتحصيلها.. بفعل الخير واجتناب الشر.
قال تعالى: [و َمَنْ أَرَادَ الْآَخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19)] الإسراء.
من أجل ذلك كله .. لا تستقيم الحياة الإسلامية بدون الإيمان بالآخرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق