التوازن في الإسلام
الحمد لله الذي تفضل علينا بنعمة الإسلام، ورضيه لنا منهجا للحياة ومرجعا وأصلا نتحاكم إليه ونقتبس النور منه، وبين فيه جميع متطلبات الإنسان وما يدور حوله، بأوضح بيان، وأسمى وأرقى نظام، وأدق وأحكم اتزان. إنه دين الوسطية و التوازن والنظام..
إن التوازن والاعتدال أمر مطلوب في الحياة, سواء في حياة الإنسان أو الحيوان أو النبات. بل في الكون كله أجمع. فلا تستقر الحياة ولا يتحقق العيش الكريم إلا بالتوازن في كل شيء.
فنظراً لأهمية التوازن في حياة المسلم, ولِبعد بعض الناس اليوم عن النظرة المتوازنة للأمور بدون إفراط ولا تفريط , كان هذا الكتاب ((التوازن في الإسلام))
إن من أراد النجاح لأي منهج أو قانون أو عمل أو مشروع، فلا بد له من التوازن والنظام، وإلا فإن نسبة النجاح تكون ضئيلة جدا إن كان هناك نجاح !
والتوازن في الإسلام الذي هو شريعة الله تعالى ودينه الذي ارتضاه لناس جميعا توازن وضعه رب العالمين خالق الكون وخالق الإنسان.
فعندما يضع الله تعالى التوازن في الخلق الذي خلقه بذاته العظيمة فلا أعدل ولا أحكم ولا أفضل من ذلك التوازن، لأنه من يد الخالق العالم بكل ما يحيط ويحدث في هذا العالم.
والمتتبع لآثار التوازن في الكون سيرى عظمة وحكمة الخالق والتوازن المطلق في جميع خلقة، فنظرة واحدة لتتابع الليل والنهار وتعاقب الشمس والقمر، أو لألوان الزهر، أو لكيفية عمل عضو واحد في جسم الإنسان. لكفيله لمعرفة التوازن الكامل في جميع خلق الله تعالى. فكيف بنا إذا أمعنا وتدبرنا في الكون كله من حولنا! لجدير بنا أن نؤمن الإيمان الكامل أن الكون مخلوق في أعلى قمة التوازن والنظام.
وخالق هذا الكون المتوازن هو خالق الإنسان العالم بما ينفعه وما يحتاجه، فانزل له منهج ليتحاكم إليه ليحقق التوازن مع الكون. فكان من ذلك "دين الإسلام" الذي فاق توازنه كل دين ووضع وقانون أرضي وضعة الإنسان!
وقيمة هذا المنهج أنه متوازن متناسق. لا يعذب الجسد ليسمو بالروح، ولا يهمل الروح ليستمتع الجسد. ولا يقيد طاقات الفرد ورغباته الفطرية السليمة ليحقق مصلحة الجماعة أو الدولة. ولا يطلق للفرد نزواته وشهواته الطاغية المنحرفة لتؤذي حياة الجماعة، أو تسخرها لإمتاع فرد أو أفراد*.
وكافة التكاليف التي يضعها ذلك المنهج المتوازن على كاهل الإنسان ملحوظ فيها أنها في حدود طاقته، ولمصلحته؛ وقد زود بالاستعدادات والمقدرات التي تعينه على أداء تلك التكاليف، وتجعلها محببة لديه ـ مهما لقي من أجلها الآلام أحياناً ـ لأنها تلبي رغبة من رغباته، أو تصرف طاقة من طاقاته*.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق