فضل العشر الأولى من ذي الحجة
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم
وعلى آله وصحبه أجمعين..
قال تعالى : (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ)[القصص:
68].
لقد اختار الله من الأيام
أياما جعلها مواسم خيرات، وأيام عبادات، وأوقات قربات، وهي بين أيام السنة
كالنفحات، والرشيد السعيد من تعرض لها، ونهل من خيرها، كما جاء في حديث أبي هريرة
رضي الله عنه عند الطبراني بسند حسن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: [افعلوا الخير دهركم، وتعرضوا
لنفحات رحمة الله، فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده].(حسنه الألباني في الصحيحة).
ومن هذه المواسم النيرات،
والنفحات المباركات، أيام العشر الأول من ذي الحجة الحرام، فقد اختارها الله على
ما سواها، ورفع شأنها واجتباها، وجعل ثواب العمل فيها غير ثوابه فيما دونها، علاوة
على ما خصها الله به من أعمال فريضة الحج التي لا تكون في غيرها.
وإن من رحمة الله
تعالى الواسعة أن جعل أيام العشر الأوائل من ذي الحجة مشتركا بين الحجاج
وغيرهم،وأيام العشر من ذي الحجة،هي أعظم الأيام عند الله فضلا وأكثرها أجرا ..
فقد روى البخاري وغيره عن ابن
عباس رضي الله عنهما: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ما من أيام العمل الصالح
فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام ـ يعني أيام العشر ـ قالوا: يارسول الله
ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله
ثم لم يرجع من ذلك بشيء].
وعند الإمام البيهقي عن ابن
عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من عمل أزكى عند الله ولا
أعظم أجرا من خير يعمله في عشر الأضحى...].(قال الألباني سنده جيد).
وروي الطبراني في معجمه
الكبير بإسناد جيد: [ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن من
أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير].
وقد أقسم
الله تعالى بها في كتابه: والله تعالى لا
يقسم في كتابه إلا بعظيم. قال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ
عَشْرٍ)[الفجر:1،
2]. قال ابن كثير رحمه الله: المراد بها عشر ذي الحجة كما قاله ابن عباس وابن
الزبير ومجاهد وغيرهم، ورواه الإمام البخاري.
وفيها يوم الحج الأكبر: الذي
هو خير أيام الدنيا على الإطلاق وهو أعظم الأيام حرمة عند الله تعالى..
ومن الأعمال الصالحة في تلك الأيام:
1- الحج:
إن من أفضل ما يعمل في هذه
العشر حج بيت الله الحرم، فمن وفقه الله تعالى لحج بيته وقام بأداء نسكه على الوجه
المطلوب فله نصيب - إن شاء الله - من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: [ العمرة إلى العمرة كفارة
لما بينهما . والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة] متفق عليه.
قال تعالى : ( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن غني عن العالمين) آل عمران/97
قال
صلى الله عليه وسلم: "من لم تحبسه حاجة ظاهرة أو
مرض حابس أو سلطان جائر ولم يحج
فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا" الراوي: أبو أمامة المحدث: المنذري -
المصدر: الترغيب والترهيب - الصفحة أو الرقم: 2/202خلاصة حكم المحدث: [إسناده صحيح
أو حسن أو ما قاربهما]
قال صلى الله
عليه وسلم:" الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة قيل وما بره قال إطعام الطعام وطيب الكلام " حديث حسن ورد في صحيح الترغيب والترهيب للألباني
2- الصيام:
فيسن للمسلم أن يصوم تسع ذي
الحجة. لأن النبي صلى الله عليه وسلم حث على العمل الصالح في أيام العشر، والصيام
من أفضل الأعمال. وقد اصطفاه الله تعالى لنفسه كما في الحديث القدسي: [كل عمل بني آدم له إلا
الصيام فإنه لي وأنا أجزي به] (البخاري).
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم
تسع ذي الحجة. فعن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم
قالت: [كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجة
ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر. أول اثنين من الشهر وخميسين] (النسائي
وأبو داود وصححه الألباني).
3- صوم يوم عرفة لغير
الحاج:
وهو وإن كان من أيام التسع
إلا أننا خصصناه بالذكر تنبيها على فضله ففيه زيادة أجر ورجحان مثوبة.. فعَنْ
أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
قَالَ : [ صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ
السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ] أخرجه مسلم . فلا يفوتنك أخي
المؤمن هذا الأجر العظيم.
4- الإكثار من التحميد
والتهليل والتكبير:
فيسن التكبير والتحميد
والتهليل والتسبيح أيام العشر وسائر أنواع الذكر. والجهر بذلك في المساجد والمنازل
والطرقات وكل موضع يجوز فيه ذكر الله إظهاراً للعبادة، وإعلاناً بتعظيم الله
تعالى. قال الله تعالى: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما
رزقهم من بهيمة الأنعام) (الحج/28). والجمهور على أنها أيام العشر كما ذكرنا عن ابن
عباس وغيره.
وفي المسند عن عبد الله بن
عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [ما من أيام أعظم عند الله
ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير
والتحميد] (صحّح إسناده العلامة أحمد شاكر).
عن بن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إلى الله العمل فيهن
من أيام العشر فأكثروا فيهن من التسبيح التحميد والتهليل والتكبير).أخرجه الطبراني في الكبير بإسناد حسن.
والتكبير في هذا الزمان صار
من السنن المهجورة ولاسيما في أول العشر فلا تكاد تسمعه إلا من القليل، فينبغي
الجهر به إحياء للسنة وتذكيراً للغافلين، وقد ثبت أن ابن عمر وأبا هريرة رضي الله
عنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما.
5- التكبير دبر الصلوات:
وهذا أيضا مما يسن في هذه
الأيام ومن صالح العمل فيها، ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى عصر آخر أيام التشريق، وهو
الثالث عشر من ذي الحجة. فعن شقيق بن سلمه رحمه الله قال : " كان علي رضي
الله عنه يكبر بعد صلاة الفجر غداة عرفة ثم لا يقطع حتى يصلي الإمام من آخر أيام
التشريق ثم يكبر بعد العصر" أخرجه ابن المنذر والبيهقي .و صححه النووي وابن
حجر. وثبت مثله عن ابن عباس رضي الله عنهما.
قال ابن تيمية : " أصح
الأقوال في التكبير الذي عليه جمهور السلف والفقهاء من الصحابة والأئمة : أن يكبر
من فجر عرفة إلى آخر أيام التشريق عقب كل صلاة .. " ( مجموع الفتاوى 24/20) .
وقال ابن حجر: "وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول علي وابن مسعود : إنه من صبح
يوم عرفة إلى آخر أيام منى . أخرجه ابن المنذر وغيره والله أعلم " ( الفتح
2/536) .
6-الإكثار
من الأعمال الصالحة عموما :
لأن العمل الصالح محبوب إلى الله تعالى وهذا يستلزم عِظَم ثوابه عند الله تعالى .
فمن لم يمكنه الحجّ فعليه أن يعمر هذه الأوقات الفاضلة بطاعة الله تعالى من الصلاة
وقراءة القرآن والذكر والدعاء والصدقة وبر الوالدين وصلة الأرحام والأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر وحسن الأخلاق وإدخال السرور ومساعدة الآخرين...وغير ذلك من طرق
الخير وسبل الطاعة .
تنبيه/
إن الصلاة والفرائض أحب ما نتقرب به إلى الله تعالى..في تلك الأيام
الفاضلة..فإقامة الصلاة على الوجه الأكمل أحب إلى الله تعالى من كثرة
النوافل..والنوافل لها عظمتها وقدرها ولكن بعد الفرائض.. فلنحاول تحصيل الأجرين
خاصة في تلك الايام المباركة..
قال صلى
الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عز وجل
(( وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به
وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني أعطيته ولئن
استعاذني لأعيذنه )) رواه البخاري11/ 272.
7-الأضحية يوم العيد:
الأضحية من الشعائر التي حث
عليها الإسلام وهي سنة مؤكدة في حق القادر المستطيع..قال تعالى "فاصل لربك
وانحر"
فعَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه
قَالَ : [ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ
أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ وَوَضَعَ
رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا] (متفق عليه).
قال تعالى: [ لن ينال الله
لحومها ولا دماءها ولكن يناله التقوى منكم]
* قال صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا دخلت العشر و
أراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره )) رواه
أحمد ومسلم
*وقال رسول الله صلى الله
عليه وسلّم : " أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل " رواه مسلم.
منقول بتصرف، وزيادة.
منقول بتصرف، وزيادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق