الأحد، أبريل 17، 2011

توازن الإسلام في الجنة والنار،والرحمة والخوف، والتوبة والذنب


توازن الإسلام في: الجنة والنار، الرحمة والخوف، التوبة والذنب

الإسلام يقر بالضعف البشري لدى الإنسان، ويقر بانجذابه وسقوطه أمام بعض المغريات، ويقر كذلك بميوله ورغباته إلى زخرف الحياة الدنيا.
ولما كان الإسلام دين توازن ووسطية ورحمه.. سهل ويسر للإنسان الطريق الذي يوصله لّنور إذا أظلم عليه الطريق.. فالإسلام دين يربي أبناءه ليرقى بأرواحهم، ويسموا بنفوسهم، ليترفعوا عن مدارك الحيوان إلى كرامتهم الإنسانية، ويحركوا عقولهم ويفكروا ويختاروا الطريق الصحيح، فإن زلوا أو أخطئوا أو ضلوا الطريق أثناء سيرهم.. فتح لهم أبواب رحمته ومغفرته ليعودوا إلى صلاح دنياهم وآخرتهم.
والجدير بالذكر أن وسطية الإسلام لم تضمن المغفرة والجنة الضمان الأزلي للجميع -كما في بعض الأديان-  قال تعالى: [لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (123) وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا (124)] النساء. كذلك لم تغلق الأبواب في وجوه الضالين مهما بلغوا في الطغيان!! بل نظمت وعدلت. فأعطت للإنسان العاقل حرية الاختيار، فان أحسن جوزي بخير الجزاء، وإن أساء جوزي على قدر إساءته، فان عاد بعد إساءته فتح له أبواب التوبة والرحمة. وبهذا التصور الإسلامي يضمن الإنسان حياة آمنه مطمئنه دافعة ومعينة لعوامل الخير، مطفئة ومغلقة لسبل الشر والفساد. قال تعالى: [وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاءُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى (31)] النجم.



إن الإنسان إذا ضمن المغفرة التامة فسيعثوا في الأرض فسادا..لأنه ضامن للمغفرة! كذلك إذا علم أنه إذا أخطأ فلا عودة له ولا رجوع! فإنه أيضا سيتمادى ويزيد في الطغيان وفي كلتا الحالتين فساد وجور وظلم للإنسان والحياة ولا يعقل أن يكون هذا المنهج دين رباني من خالق البشر الذي يدعوا إلى صلاح الأرض !!
فالإسلام بين هاتين الحالتين.. فلا مغفرة تامة أزلية ولا يأس مقنط من رحمه الله تعالى ! بل وسطية تدعوا للعمل والصلاح .. وتغلق منافذ الشر والضلال، وتفتح الأبواب لمن أراد الرجوع.
إن الله تعالى غني عن عبادة، فلا تنفعه طاعة ولا تضره معصية، وإنما شرع كل ذلك لصلاح حياة الإنسان المكرم الذي نفخ فيه من روحه، وفضله على كثير ممن خلق تفضيلا. قال تعالى: [مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآَمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا (147)] النساء.
وقد فتح الله تعالى برحمته الواسعة باب التوبة لجميع البشر مهما بلغ في كفره وظلمه وطغيانه.. قال تعالى: [وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا (68) يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا (69) إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70)] الفرقان، وقال تعالى: [قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53)]الزمر. قال : (ويتوب الله على من تاب) خ/2: [ 6072 ] 
وقد رغب الله عز وجل وحث على فعل الخير.. ورتب على ذلك أعظم وأفضل الجزاء، قال النبي  فيما يروي عن ربه عز وجل: ( إن الله كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها وعملها كتبها الله له عنده عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة، ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة، فإن هو هم بها فعملها كتبها الله له سيئة واحدة ) خ/2 [ 6126 ]
ووعد الله تعالى جميع المؤمنين بالجنة، والكافرين بالنار. وممن يعمل الكبائر أو السيئات العظيمة من المسلمين يعذب في النار بقدر سيئاته ثم يدخل الجنة، إذا كان معه أصل الإيمان.. والخلود الدائم  يكون للكفار. قال تعالى: [وَالَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (42)]الأعراف. قال تعالى: [وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ (10)] التغابن.
***********************
فعقيدة المسلم المتوازنة تدعو إلى الصلاح والخير، والسير في طريق العمل الصالح، جامعا بين الخوف من عقاب الله تعالى إذا أساء، طامعا في رحمه الله تعالى في جميع أموره، مطمئنا انه إذا أخطأ فان باب التوبة مفتوح يلجه بكل يسر، قال تعالى: [نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ (50)] الحجر، قال تعالى: [غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (3)] غافر. ضامنا أن الجنة مأوى المؤمنين والنار مثوى الكافرين.
والإنسان هو من يحدد مصيره -فكلا مرهون بعمله-  هذا هو عدل الإسلام!
قال تعالى: [أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى (38) وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (39) وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى (40) ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَى (41) وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى (42)] النجم.
_____________________________________



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق